ـ(61)ـ
ولادة الرسول على ما هو مشهور حينما تعرضت مكة والكعبة إلى هجوم جيش إبرهة الحبشي، لا بسبب استراتيجية أرضها وأهميتها، وإنما لهدم الكعبة، لكونها كانت تمثل معبدا للعرب، وقد انكسر هذا الجيش بشكل إعجازي بنص القرآن الكريم.

الأخلاق والروح العربية
يعيش سكان الصحارى في حرية مطلقة لا تحدها حدود، لا تجمعهم دولة واحدة، بل يتناثرون كقبائل متفرقة يعشعش فيها الجهل، ويركبهم الغرور القبلي والتعصب الطائفي والمفاخر العشائرية.
وكانت النزاعات بين هذه القبائل على أشدها حتى أصبح شغلها الشاغل وهمها الدائم، بحيث يتوقف برنامجها الحياتي وتجارتها وسفرها وعبادتها إلى الحرب، ولم تكن تتوقف هذه الحروب أو يترك الاستعداد لها سوى في الأشهر الحرام (ذي القعدة وذي الحجة ومحرم ورجب) طبق تقليد قديم، للانصراف فيها إلى شؤون الحياة والتجارة والحج.
هذا الصراع الدائم والنزاع المستمر أدى إلى عقد اتفاقيات عديدة وأحلاف كثيرة بين القبائل، كما أعطى أهمية خاصة للاستقامة بوجه العدو والوفاء بالعهد، وأصبح دفاع القبائل المتحالفة عن بعضها والتضحية والإيثار في سبيل القبيلة الحليفة من الخصوصيات العربية حينذاك، الأمر الذي يستتبع بشكل طبيعي الشجاعة والكرم والسخاء.
إذن كان للحياة الصحرواية وعدم الانقياد لحكومة مركزية واحدة أثر كبير في نمو روح الاستقلال والحرية والأباء والهمة والشجاعة في النفوس، من جهة أخرى شلت الحروب المتتالية والمستمرة التجارة والزراعة والاقتصاد بشكله العام الضعيف من أساسه بسبب