ـ(25)ـ
الدين.
كما ذهب جمهور العلماء إلى أنّه لا يجب على العامي التمذهب بمذهب مجتهد معين والتزام جميع عزائمه ورخصه ـ بحث لا يجوز له الخروج عنه ـ بل له أن يعمل في مسألة بقول مجتهد، وفي أخرى بقول مجتهد آخر، وعلى ذلك استقر عمل المفتين في كل عصر من زمن الصحابة ومن بعدهم وقد اختار ذلك من علماء الأصول "الآمدى"، و"ابن الحاجب" و"الكمال" في تحريره و"الرافعي" وغيره؛ لأن التزام مذهب معين في كل المسائل غير ملزم، إذا لا واجب إلاّ ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل معين من الأئمة فيقلده في دينه، يأخذ كل ما قال فيه ويذر غيره.
وقد قال ابن أمير حاج ـ من علماء الأصول ـ " لا يصح للعامي مذهب لو تمذهب به؛ لأن المذهب إنّما يكون لمن له نوع نظر واستدلال وبصر بالمذاهب على حسبه، أو لمن قرأ كتبا في فروع ذلك المذهب، وعرف فتاوى إمامه وأقواله. وأما من لم يتأهل لذلك البتة، بل قال: أنا حنفى، أو شافعي، أو غير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول".
ومما تقدم يعلم أنّه لا يجب تقليد مجتهد معين، وأن التلفيق بمعنى العمل بقول مجتهد في مسألة، وبقول آخر في أخرى لضرورة ولغيرها في العبادات والمعاملات جائز تخفيفا ورحمة بالأمة، بل ذهب الجمهور إلى جواز تتبع رخص المذاهب في المذاهب في المسائل المختلفة، لأن للمكلف أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل بأن لم يكن قد عمل يقول مجتهد آخر في ذات المسألة التي يريد التقليد فيها.
والخلاصة أن التقليد واجب على غير المجتهد المطلق لضرورة العمل، وأنه لا يجب على المقلد التزام مذهب معين، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهب مقلداً غير