ـ(24)ـ
في هذا الأسبوع وصلتني رسالة من بعض من يعملون بالمركز الإسلامي بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة، مضمونها أن بعض أعداء الإسلام يعملون على بث الفرقة بين الأقليات المسلمة في أفريقيا وآسيا، وأمريكا، يحاولون صبغ الخلافات ـ أيا كان نوعها ـ بالصبغة الطائفية، ويكفرّون الشيعة على اختلاف فرقها، وهي هجمة شرسة تستهدف التفرقة بين المسلمين. وأن بعض الناس يرى أنّه يجب على المسلم ـ لكي تقع عباداته ومعاملاته صحيحة ـ أن يقلد أحد المذاهب الأربعة فقط.
فهل توافقون يا فضيلة الامام الأكبر شيخ الأزهر على هذا الرأي على إطلاقه؟
ثم إن بعض الناس قد أخذوا يكفرون الشيعة، ويرون أن الإسلام منهم براء، ترى ما هو رد فضيلتكم على هذا القول؟ وهل يجوز لمسلم أن يكفر غيره من المسلمين؟
ونفيد بالآتي:
أولا: عن حكم التقليد، وهل يلزم تقليد مذهب معين؟ وبيان ذلك كما يلي:
ذهب جمهور الأصوليين إلى أن العامي، وهو الذي ليس له أهلية الاجتهاد في الأحكام وإن كان محصلاً لبعض العلوم، يجب عليه اتباع قول المجتهد والأخذ بفتواه استنادا إلى قوله تعالى: [فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون].
وهي عامة لكل المخاطبين الذين لم تتوافر لهم وسائل العلم بالأحكام، ولأن العامة في زمن الصحابة والتابعين كانوا يستفتون المجتهدين منهم ويتبعونهم فيما بينوه لهم من الأحكام، وكان المجتهدون يبادرون إلى إفتائهم والكشف لهم عما جهلوا ولم ينكروا عليهم استفتاءهم إياهم، فكان ذلك إجماعاً على مشروعية التقليد في الفروع، غير أن العامي في الاستفتاء مقيد باستفتاء من عُرف بالعلم والعدالة وأهلية النظر فيما يستفتي فيه ـ احتياطا في أمر