ـ(217)ـ
أدب الاختلاف في الإسلام
طه جابر العلواني
انصبت معظم اهتمامات "المعهد العالمي للفكر الإسلامي" في أمريكا على طرح الفكر الإسلامي المعاصر بشكل يوحدّ بين المسلمين، ويجمع شمل الفصائل الإسلاميّة، ولذلك كان الكتاب الثاني للمعهد تحت عنوان "أدب الاختلاف في الإسلام" للأستاذ العلواني الذي عرفناه في كتاباته الفكرية والفقهية رائداً من رواد تأصيل الفكر الإسلامي وتعميقه.
والكتاب في ستة فصول الفصل الأول يستعرض أنواع الاختلاف المقبول منه والمردود. وفي الفصل الثاني تحدث الكاتب عن تاريخ الاختلاف وتطوره، وبدأ من اختلاف الصحابة في عصر رسول الله (صلى الله عليه وآله) وموقف الرسول من هذا الاختلاف، من ذلك ما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال يوم الأحزاب: "لا يصلين أحد العصر إلاّ في بني قريظة" فأدرك بعضهم العصر في الطريق فقال بعضهم: لا نصلي حتّى نأتيها، أي: نأتي ديار بني قريظة وقال بعضهم: بل نصلي، لم يرد منا ذلك فذكر ذلك للنبي، فلم يعنف واحدا منهم وظاهر الحديث أن الصحابة رضوان الله عليهم انقسموا إلى فريقين من أداء العصر: فريق أخذ بظاهر اللفظ، وفريق استنبط من النص معنى خصصه به وتصويب الرسول للفريقين دليل على مشروعية كل من المذهبين.
ثم يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن التأويل وأنواعه وعن ضوابط التأويل وعن الآداب التي التزم بها الصحابة لدى الاختلاف.
وفي الفصل الثالث يتناول الكاتب اختلاف مناهج الأئمة في الاستنباط باعتباره أحد أسباب الاختلاف ويعلق على اختلاف مناهجهم بالقول: "والحقيقة أن كثيرا من الأصول التي نسبت إلى الأئمة المتبوعين هي أصول مخرجة على أقوالهم، لا تصح بها الروايات عنهم، فالتشبث بها، والدفاع عنها، وتكلف إيراد الاعتراضات والإجابات عنها، والرد على