ـ(199)ـ
وبما أن المجمع العالمي للتقريب معني بالبحث عن أقرب الطرق وأوضح السبل إلى التقريب بين أقوال مختلف الطوائف الإسلاميّة. الأمر الذي لابد معه من البحث عن أسباب تلك الاختلافات وتقييمها في مختلف المجالات، فأرى أن أهم أسباب الاختلاف ومظاهره يعود إلى ما يتعلق بالسنة النبوية من حيث مكانتها، ومعرفة الصحيح من غير الصحيح منها، بما ترتب على ذلك من وضع مناهج أصبحت بمنزلة مقاييس مختلفة أدت إلى الاختلاف في الحكم والتطبيق، ولذلك سأتناول بإيجاز آراء المذاهب الإسلاميّة في السنة، وذكر بعض العوامل التي أدت إلى الاختلاف في الأخذ بها، إضافة إلى ما أراه من وجهة نظري منهجاً موحدا سليماً وصحيحاً يمكن الاتفاق عليه باعتباره موافقاً للعقل والنقل.
تعرف السنة
السنة: هي قول النبي (صلى الله عليه وآله) وفعله وتقريره، الصادر على جهة التشريع، ومما لا شك فيه أن المسلمين متفقون على اعتبار السنة دليلا شرعياً.
ولكن لما لم تحظ السنة بما حظي به القرآن الكريم من الحفظ من الزيادة والنقصان، حدث فعلاً زيادة ونقصان، سواء على سبيل الخطأ أو الاختلاف في الفهم في الرواية بالمعنى، أو على سبيل الكذب والوضع المتعمد، ولذلك ـ وبخاصة بالنسبة لمن يعاصر النبي (صلى الله عليه وآله) اختلفت آراء المسلمين وأقوالهم حول ما هي السنة الصحيحة وما هو الموضوع والمكذوب، وما هي المقاييس المعتبرة في تمييز ذلك.
وسنعرض في هذا البحث جملة من تلك الآراء، لنعرف مدى الاختلاف فيما بينها من