ـ(153)ـ
وسياسية خاصة بالمجتمعات الأوربية والأمريكية، وهذه الأفكار منسجمة تماما مع أرضية تلك البلدان بملابساتها الخاصة. ولكن حين تنقل هذه الأفكار لتقحم في مجتمعات ذات هوية قومية وفكرية ونفسية وجغرافية وتاريخية مختلفة كل الاختلاف عن هوية المجتمعات الغربية، فإن ذلك لا يعني سوى المسخ الثقافي، وتزلزل أسس هذه المجتمعات، هذه الوصفات العلاجية المترجمة من الغرب تذكرني بما رواه لي أحد أقاربي فقد ولد له قبل ستين عاما طفل أصيب برمد في العين ولم يكن في قريتنا "رستم آباد" طبيب فأخذوه إلى الطبيب الوحيد الموجود في "تجريش" آنئذ، وكتب له هذا الطبيب وصفة تتضمن قطرة من المحتمل أن تكون من قبيل "السلفاميد" التي بدأت تشيع يومئذ، وبعد ذلك كان كل من يشعر بألم في عينيه يأتي إلى بيت هذا الرجل ويأخذ منه الوصفة للاستفادة منها.. حتّى تمزقت هذه الوصفة من كثرة الاستعمال، وألصقوها بالشريط اللاصق، يظهر أن المقلدين لا يؤمنون بوجود ارتباط بين الأمور ما إن سمعوا بوصفة لعين مصابة حتّى راحوا يقلدونها، دون تفريق بين نوع مرض العين وخصائصه المميزة.
وكان للمستشرقين دورهام في نشر روح التقليد هذه، وفي تقديم الوصفة قبل أن يطلبها الشرقيون منهم.
يلاحظ من أفكار طالب أوف أنّه يركز على محور ركز عليه كل المهزومين أمام مادية الغرب، وهو إفراغ الإسلام من محتواه الغيبي، ويحاول تفسير كل تشريعاته تفسيراً فيزيائياً محسوساً.
لقد كانت مساعي هؤلاء "المصلحين" تتجه دائما إلى جر الإسلام نحو ما بهرهم من فكر وخلب أنظارهم من تيار إن استولى على أدمغتهم التيار الليبرالي والحرية الفردية، يهتمون