ـ(151)ـ
يعني رفض الطبقية والامتيازات الطبقية وتساوي الجميع أمام الله والطبيعة ويستلزم ذلك رفض كل الامتيازات والاختلافات الدينية.
من هنا فإن معيار صحة المؤسسات الاجتماعية ليس هو الدين، بل مقدار ما تحققه من سعادة الأفراد وراحتهم، وبموجب هذه النظرة تترك التقاليد والعادات والرسوم القديمة مكانها للسعي من أجل رفاه الإنسان، أو بعبارة أخرى لتقدم المجتمع وتطوره. رفض التقاليد والمؤسسات القديمة نتيجة طبيعية للإيمان بالحقوق الناشئة عن القوانين الطبيعية، لأن الطبيعة خيّرة، والمؤسسات غير الطبيعية تدفع بالمجتمع تدريجيا نحو الانحراف والشر، ومن هنا فان النظام الطبقي والامتيازات الارستقراطية التي هي جميعا وليدة التقاليد القديمة، شر وعائق للإنسان على طرق سعادته، من هنا لابد من قطع يد "الماضي" عن المجتمع، وترك الطبيعة لحالها كي تسير الأمور نحو الأفضل.
الليبرالية متفائلة وتعتقد أن طبيعة الإنسان خيّرة، لكن هذا الإنسان يحمل الحرص والشهوة وحبّ الجاه والسلطة. ولابد من العمل على أن لا تفرض الأكثرية سلطتها على الأقلية. من هنا لابد من فصل السلطة التقنينية عن السلطة التنفيذية، وفصل السلطة القضائية عن كلا السلطتين، ليتم التعادل والتوازن بين السلطات (1).
طالب أوف ـ باعتباره مهاجرا إيرانيا مقيماً في القفقاس ـ تحدُث في ذهنه عادة مقارنة بين الأوضاع في إيران وروسيا، ومن الطبيعي أن يحس بالألم تجاه تخلف الشعب الإيراني ولذلك راح يفكر في العلاج ويكتب وصفة الدواء.
كان القفقاس يومئذ يموج بالأفكار المختلفة والمدارس الفكرية المتباينة، ومن هنا نرى في
______________________
1 ـ مصاحب، مصدر سابق: 2541.