ـ(115)ـ
أحكامها بصورة مباشر.
وبهذا يظهر أن فكرة (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) مستبطنة في فكرة (وجوب طاعة ولي الأمر) لأنها تعبير عن المساحة التي فُوّض التقنين والحكم فيها إلى ولي الأمر، وكل من استعرض فكرة وجوب طاعة ولي الأمر ـ كالإمام الطبري(1) والإمام الفخر الرازي (2) وغيرهما من أئمة التفسير ـ فقد استعرض ضمناً وبالدلالة الالتزامية لفكرة (منطقة الفراغ) بالمعنى الذي ذكرناه. وهذا معنى ما قلنا من أن هذه الفكرة ليست مستحدثة جديدة وإنّما هي من الأفكار العريقة في تاريخ الفكر الإسلامي وإن كان اسمها وعنوانها الخاص جديداً، ولا أظن أحداً عبر عنها بعنوان (منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي) قبل المفكر الإسلامي المعاصر أستاذنا الشهيد السيد محمد باقر الصدر.

جذور الفكرة
والواقع أن جذور هذه الفكرة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بفكرة النبوة وأهدافها الرسالية العظمى، حيث إننا نجد أن الرسالات السماوية التي نزلت على يد الأنبياء والمرسلين (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) رغم أنها تشترك في خطوطها العامة ونزلت جميعاً لهداية البشرية وضمان مصالحها في إطار الحق والعدل لكنها شهدت ظاهرة التغيير والتجديد في تفاصيل أحكامها وقوانينها ونظمها طبقا لما شهدته البشرية من أنواع التطور في فكرها وإدراكها وثقافتها وحضارتها ومعنوياتها ومادياتها ومشاكلها وتعقيداتها
______________________
1 ـ تفسير الطبري 8: 502 حسب نقل مختصر تفسير الطبري 1 : 113.
2 ـ التفسير الكبير 10 : 143.