ـ(113)ـ
تركت الشريعة الإسلاميّة حق التشريع فيها لولي الأمر أو للسلطة التشريعية العامة بالتخويل أو بالإشراف من قبل ولي الأمر لكي يصدر فيها الحكم المناسب للظروف المتطورة بالشكل الذي يضمن الأهداف العامة للشريعة الإسلاميّة. وهذا المعنى من لوازم وجوب طاعة ولي الأمر الشرعي في كل عصر وزمان فإن وجوب طاعة ولي الأمر المستفاد من الآية الكريمة [يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطعيوا الرسول وأولي الأمر منكم](1) بقطع النظر عن تعيين المقصود بولي الأمر يستلزم تخويل حق إصدار الحكم والأمر والنهي لولي الأمر في مساحة معينة من الأمور وهي المساحة التي لم ترد فيها تكليف مباشر من قبل الشريعة الإسلاميّة، وهذه المساحة هي التي نعبر عنها بـ(منطقة الفراغ في التشريع الإسلامي).
وبمزيد من التوضيح نقول: إن وجوب الطاعة المستفاد من هذه الآية الكريمة يمكن تفسيره بأحد وجوه ثلاثة:
الوجه الأول: أن يقصد به مجرد تنفيذ الأحكام الشرعية الثابتة مسبقاً في مصادر التشريع الإسلامي من دون أن يحق له (أي لولي الأمر) تقنين حكم أبداً غير ما قننته الشريعة الإسلاميّة بصورة مباشرة، وهذا الوجه لا نحتمل إرادته من الآية الكريمة لأنه إنّما يعني وجوب طاعة الله فحسب في حين أن الآية الكريمة تصرح بوجوب طاعة الله تعالى والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وأولي الأمر، ولا أقل من منافات هذا الوجه لإطلاق وجوب طاعة ولي الأمر لأه يشمل بإطلاقه وجوب طاعة كل تكليفٍ يصدر من ولي الأمر ـ ما لم يؤد إلى معصية الله تبارك وتعالى كما سيأتي ـ ولا يختص بالتكليف الصادر منه لتنفيذ أوامر الله
______________________
1 ـ النساء: 59.