ـ(60)ـ
الفاضل التوني في كتابه "الواقعة في أصول الفقه"، والشيخ محمّد رضا المظفر في: "أصول الفقه" فقد تناولا تعريف السنة، ثم دراسة دلالات الفعل، والقول، والتقرير ثم تقسيم الأخبار إلى سنة متواترة، وآحاد، ثم إثبات حجية خبر الواحد بالأدلة المختلفة، ولم يتناولوا البحوث الأخرى التي تناولها أصوليو السنة من البحوث التي جعلها علماء الإمامية، إما من اختصاص علوم الحديث، والدراية كالتفصيل في أقسام الحديث، وخصائص وحجية كلّ قسم منها، أو من اختصاص علم الكلام كإثبات حجية سنة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام).
والعنصر المشترك بين المدرستين يتمثل في إثبات حجية خبر الواحد، وقد مرّ بنا كيف استدلّ علماء المذاهب الأربعة عليها، والآن نحاول بيان كيفية استدلال المدرسة الأصولية الإمامية عليها متخذين كتاب: "أصول الفقه" للشيخ محمّد رضا المظفر نمودجاً لذلك. فقد كانت الأدلة التي طرحها كالتالي:
1 ـ القرآن الكريم: كآية النبأ [... إنّ جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة...]،(1). فطرح وجه الاستدلال بها وهو مفهوم الشرط، فالآية تطلب التبيّن في خبر الفاسق، ومفهوم ذلك أن يكون خبر العادل مقبولاً، ولا يحتاج إلى التبيّن، ثم آية النفر [… فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا اليهم…](2). ببيان أن الآية جعلت إنذار المنذرين المتفقهين لقومهم حجة عليهم، ومعنى ذلك حجية خبر الواحد على من يسمعه، ثم آية الكتمان [إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بينّاه للناس في الكتاب …](3). بيان أن استنكار كتمان البينات يفهم منه وجوب بيانها، وحجية قول من يبينها على من يسمع ذلك البيان، وإلاّ لكان تحريم الكتمان لغواً، إلاّ أنّ المصنف ناقش في دلالة الآية على المطلوب، واعتبرها أجنبية عن المقام.
______________________
1 ـ الحجرات: 6.
2 ـ التوبة: 122.
3 ـ البقرة: 159.