ـ(26)ـ
الحقير"(1).
وقد أفاد منه كثيرا العلامة الطباطبائي في تقويم الأقوال وأحاديث النزول وتمييز السور المكية من المدينة. قال ـ بعد الإشارة إلى دور المعرفة بمكية السور ومدنيتها وترتيب نزولها في الأبحاث المتعلقة بالدعوة النبوية وسيرها الروحي والسياسي والمدني في زمنه (صلى الله عليه وآله) وتحليل سيرته الشريفة: "الروايات ـ كما ترى ـ لا تصلح أن تنهض حجة معتمدا عليها في إثبات شيء من ذلك، على أنّ فيما بينها من التعارض ما يسقطها من الاعتبار. فالطريق المتعين لهذا الغرض هو التدبر في سياق الروايات والاستمداد بما يتحصل من القرائن والامارات الداخلية والخارجية، وعلى ذلك نجري في هذا الكتاب، والله المتسعان"(2).
فسورة (يس) ـ على سبيل المثال مكية بشهادة سياق آياتها ودلالة مضامينها إذ أنّ أغراض السورة بيان الأصول الثلاثة للدين (التوحيد والنبوة والمعاد) (3).
وعلى ضوء قاعدة السياق أيد المفسر العلامة ما روي عن ابن عباس من أن سورة الرعد مكية، ورفض أن تكون مدنية بتمامها أو بعض منها وهو المروي عن أنس بن مالك والحسن وعكرمة وقتادة، والذي يفيد أنها مكية سياق آياتها وما تشتمل عليه من المضامين باعتبار أنّ غرض السورة بيان ما نزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الكتاب أنّه الحق الذي لا يخالطه باطل، فإنّ الذي يشتمل عليه القرآن من كلمة الدعوة هو التوحيد الذي تدلّ عليه آيات الكون من رفع السماوات ومدّ الأرض وتسخير الشمس والقمر وأمثالها…(4).
______________________
1 ـ البرهان 2: 200.
2 ـ الميزان 13: 235.
3 ـ الميزان 17: 62.
4 ـ الميزان 11: 284 ـ 285، وراجع الطباطبائي ومنهجه في تفسيره علي الأوسي: 211 ـ 213.