ـ(20)ـ
وإذ كانت الأحاديث بين صحيح وضعيف، فلا يجوز الأخذ بها في تفسير الكلام الإلهي إلاّ بعد الفحص عن إسنادها والتدبر في متنها. وهذا يتوقف على الرجوع إلى كتب الرجال من جانب، والوقوف على مسلمات الشريعة والدين، وقطعيات العقل ومحكمات الكتاب المجيد من جانبٍ آخر، وقد عرفت من البحث عن أسباب النزول أقوال المحققين في خطورة الموقف في الأخذ بالأحاديث المتعلقة بالقرآن سواء في مجال أسباب النزول أو قصص الأنبياء والأمم أو غير ذلك. يقول الدكتور صبحي الصالح: "التفسير بالمأثور معرض غالبا للنقد الشديد، لأنّ الصحيح من الروايات قد اختلط بغير الصحيح، ولزنادقة اليهود والفرس نشاط لا يجهله أحد في الدس على الإسلام وتشويه تعاليمه، ولأصحاب المذاهب ولوع غريب بجمع معاني القرآن وتنزيلها وفق هواهم، فكان على المفسر بالمأثور أن يدقق في تعبيره، ويحترس في روايته، ويحتاط كثيرا في ذكر الأسانيد"(1).

القاعدة 9 ـ أساليب الحوار وقوانينها العامة
إنّ هناك أساليب وقواعد عامة تبتني عليها المحاورات البشرية ولا يختص بلسان دون لسان، وذلك كالمنطوق والمفهوم، والعموم والخصوص، والمجمل والمبيّن، والمطلق والمقيد، إلى غير ذلك من المصطلحات التي تتعلّق بأساليب المحاورات الدراجة بين أبناء النوع الإنساني، وإذ كانت البيانات القرآنية حاصلة في هذه القوالب الكلامية، فمن الواجب على المفسّر أن يعتني بها ويراعيها، فلا يأخذ بالعام والمطلق قبل الفحص عن الخاص والمقيّد، وأن يقدم الظاهر على النصّ، ويفسر المتشابه دون الرجوع إلى المحكم، ولا أن يهمل أمر الناسخ
______________________
1 ـ مباحث في علوم القرآن، انتشارات الشريف الرضي: 291.