ـ(152)ـ
الضعف التدريجي الذي دبّ إلى جسد الحكومة الإيرانية خاصة في عصر فتح علي شاه قد وفّر الفرصة لهجوم روسيا على إيران، الحروب الروسية الإيرانية التي استهدفت تحقيق أهداف القياصرة التوسعية جرت في مرحلتين، واستغرقت 11 شهرا. المرحلة الأولى: من 1218 إلى 1228 هـ، والمرحلة الثانية: من 1241 إلى 1243 هـ وأسفرت عن انفصال 17 مدينة من اكبر مدن إيران الشمالية والتحاقها بروسية.
ولنقف ـ ولو قليلا ـ عند ردود الفعل تجاه هزيمة إيران أمام روسيا لأنها هامة في إلقاء الضوء على تسلسل بحثنا هذا. ونكتفي بمثال واحد من أصحاب "الأصالة" وبمثال من "المستغربين".

الشيخ شامل
الشيخ شامل رئيس الطريقة الصوفية النقشبندية، وزعيم المجاهدين المسلمين القفقاسيين، أعلن الحرب على روسيا في أواسط القرن الثالث عشر الهجري وحارب لسنوات جيش القياصرة، لتحرير القفقاس من السيطرة الروسية. وتعاون لمدة مع "القاضي ملا" المجاهد القفقاسي المعروف، وبعد مقتل القاضي ملا قتل أيضا خلفه "حمزة بيك" (1834م) فاصبح الشيخ شامل زعيم مجاهدي داغستان. حارب هذا الشيخ مدة 25 سنة (1834 ـ 1859م) لتحرير بلاده ضد قادة جيش الإمبراطورية الروسية، وحمّل الجيش الروسي خسائر فادحة، وأبدى مهارة قتالية فائقة. استمرار هذه الحرب وطول مدتها أرهق أنصاره وأتعبهم، فتفرق عنه أكثرهم، وكانت النتيجة أن انهزم أمام جيش عظيم وجهه إليه قيصر روسيا المعروف "الكساندر الثاني"، فاعتقل، واقتيد إلى سان بطرسبورغ عند القيصر، فأمر بنفيه إلى كالوغا. وسقطت كلّ القفقاس بيد روسيا، وأصبحت كلّ قبائل القفقاس خاضعة بالتدريج للسيطرة التزارية. طلب الشيخ شامل سنة 1285 هـ أن يؤذن له