ـ(60)ـ
للاجتهاد التشريعي بما يتفق مع (المنهج الكلي) الذي صاغه الله تعالى في بيانه للأحكام في كتابه العزيز.
وفي هذا المعنى يقول الامام الشاطبي مشيرا إلى تضييق (هوة الخلف) في الاجتهاد الفرعي الفقهي، وأنه أدعى إلى (التقريب) بين وجهات النظر طالما كان منطلقه العموم الكلي في صيغه العامة في أصل وضعها اللغوي، أو في (العموم المعنوي) الثابت قطعا عن طريق الاستقراء التام في (الاجتهاد التأصيلي) اتساقا مع طبيعة (المنهج القرآني) في معظمه كما بينا، وهذا بلا ريب منهج أصولي علمي تشريعي يضبط ـ كما أشرنا ـ عملية الاجتهاد لتجري على (منطق عام محكم) من شأنه ألا يفتح وليجة أو سبيلا إلى الاختلاف العميق الجذري الذي لا يتأتى معه توفيق ـ لكان (التناقض) فيه ـ نتيجة للاجتهاد بالرأي في المسائل التفصيلية التي بحثت على استقلال، دون إدراجها في (المفاهيم الكلية) نصا أو دلالة، وهذا يعتبر أكبر عامل مؤثر في تشتت التوجه لدى الأمة الإسلاميّة بعامة؛ لمكان (النتائج) التي هي مآلات التطبيق الجزئي المستقل، مما لا يرضي عنه الشارع الحكيم على النحو الذي نراه لدى الاجتهاد الفروعي في المذاهب المختلفة.
الاجتهاد والاستقراء:
وفي هذا المعنى يقول الامام الشاطبي المدل العريق بسعة أفقه العلمي الأصولي والمتصل بمقاصد الشريعة الأساسية بما تشكل من (كليات الغايات) للمصالح المعتبرة ـ ما نصه:
(العموم إذا ثبت فلا يلزم أن يثبت من جهة صيغ العموم فقط، بل لـه طريقان:
أحدهما: الصيغ إذا وردت، هو المشهور في كلام أهل الأصول.
الثاني: استقراء مواقع المعنى، حتى يحصل منه في الذهن أمر كلي عام،