ـ(173)ـ
لقيام علاقة زوجية، وفي حكم القصاص في القتل بالإكراه، وفي صحة النكاح ونفاذه ولزومه إذا باشرت المرأة العقد دون وليها، وفي القضاء بشاهد ويمين من جانب المدعي، وفي القضاء بالقرائن، وغير ذلك من المسائل الخلافية الفقهية.
ج ـ وفي جانب القواعد الأصولية أو الفقهية التي تفرع عليها الأحكام: اختلاف النظر في أن القرآن ينسخ أو لا ينسخ، وبم ينسخ، وفي العمل بالقياس، وفي العمل بالعقل، وفي كون الزيادة على ما في الكتاب نسخاً، وفي تقديم أحاديث الآحاد أو أقوال الصحابة على القياس، إلى غير ذلك.
2 ـ والحكمة في ورود هذه ين النوعين من الأحكام في الشريعة الإسلاميّة: أن أمر الناس لا يصلح إذا جاءت الأحكام والمسائل كلها على نمط واحد ؛ فلا يصلح في أمور العقائد وأصول الدين أن يترك الناس لعقولهم وأفهامهم وظنونهم، كما لا يصلح ذلك في حقائق العبادات وصورها ورسومها، ولا في أصول المعاملات التي تقوم عليها، فكان من رحمة الله بالناس أن وقاهم شر التفرق فيها، ورسم لهم دائرة محدودة واضحة المعالم، يعرف من دخلها ومن خرج عنها، وسما بالحقائق الواقعة عن ان تكون محل خلاف أو تنازع، أما الفروع التي لا يضر الاختلاف فيها ـ سواء أكانت في الجوانب النظرية أم في الجوانب العملية ـ فلم يكن يصلح أمر الناس على توحيدها، ولو أنها وحدت لجمدت العقول، ولاصطدمت الشريعة في كل زمان ومكان بما يجد للناس من صور المعاملات، وبما لابد منه من مراعاة المصالح، ودرء المفاسد ؛ لذلك كان من رحمة الله بالناس وحكمته في التشريع لهم أن يفتح للعقول مجال النظر، وأن يجعل من ذلك مدداً لا ينضب معينه لما يجد من القضايا والصور، ولما تساير به الشريعة المصالح (1)
3 ـ وهذا التقسيم الذي ذكرناه مسلم على الجملة لدى جميع علماء الإسلام في مختلف المذاهب، لا تكاد تجد فيه خلافاً بين سني وشيعي، ولا بين أشعري ومعتزلي،
___________________________________________________
1 ـ راجع في ذلك رسالة (نقط على الحروف) لسماحة الأستاذ الشيخ محمد التقي القمي، وتجدها كذلك في مجلة (رسالة الإسلام) ص 377 من المجلد الخامس.