ـ(135) ـ
الصحابي أبي بكر. وعليه فالشيعة إذن أسبق من قضية الصراع مع معاوية. ثم ينتقل بعد ذلك ليؤكد أن التشيع بدأ مذهباً سياسياً وليس عقيدةً دينيةً ـ كذا وذلك حسب رأيه أو رأي من ينقل عنه بدليل إجماع الفرس ـ ولا يزالون حتى اليوم على التشيع لآل علي، ثم يعقب على ذلك قائلاً: (والمنطق في ذلك أن الفرس يعتقدون أنهم أنسباء الحسين ؛ لأنه تزوج منهم (شهر بانو) فولدت لـه زين العابدين، وإذن فهم أخوال علي زين العابدين، ويمكن الربط بين تحمسهم لابن بنتهم وتشيعهم، فتشيعهم والحال كذلك لا يمكن أن يقال لـه تشيع عقيدةٍ خالصةٍ، بل هو أقرب إلى تشيع العصبية.. ففكرة التشيع من ناحية الفرس على الأقل فكرة سياسة خالصة)(1).
ولا نريد أن نناقش هذا الرأي تفصيلاً فهو من البعد عن المنطق والواقع ما يكفي للكشف عن تهافته، وهو من السذاجة ومجانية الصواب بمكان ؛ وذلك لان الفرس لم يتشيعوا لآل علي إلاّ بعد قرون طويلة، فهل اكتشفوا أنهم أخوال علي زين العابدين ـ بعد تلك القرون كلها فصاروا شيعة، أم ماذا؟! والأغرب في الأمر أنه يعود بعد صفحات ليطرح نفس المسألة فيذكر: أن بعض الدارسين ـ دون أن يسمي أحداً منهم ـ يبرهن على أن التشيع فكرة سياسية وعصبية أكثر من كونه عقيدة بقولـه: (إنها لو لم تكن كذلك فلماذا أجمع الفرس على التشيع، ولم يجمع جمهور المسلمين من بقية الأجناس: كالعرب والترك والهند والبربر على نفس المذهب الجديد ـ كذا ـ؟).
ونقول لـه اختصاراً: إن بعض الأجناس الذين ذكرهم قد كان منهم أمهات الأئمة، فالإمام موسى الكاظم أمه بربرية (2).، والإمام علي بن موسى الرضا أمه يقال لها: النوبية (3) أي: من بلاد النوبة (4)، وكذلك الإمام الجواد أمه كانت نوبية، ثم الإمام علي الهادي أمه أم ولدٍ
_________________________________
1 ـ راجع صفحة 153 من نفس الكتاب.
2 ـ الإرشاد للشيخ المفيد 316: 327 وأعيان الشيعة 2: 16 وما بعدها
3 ـ أعيان الشيعة 2: 5.
4 ـ النوبة: بلاد واسعة عريضة ضرب مصر، ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (خير سبيكم النوبة) راجع معجم البلدان للحموي 5: 309 طبعة دار إحياء التراث العربي / بيروت 1979م.