@ يجوز أن يفتي بمذهب غيره إذا لم يكن متبحرا فيه عالما بغوامضه وحقائقه كما لا يجوز للعامي الذي جمع فتاوي المفتين أن يفتي بها وإذا كان متبحرا بها جاز أن يفتي بها .
قلت قول من قال لا يجوز أن يفتي بذلك معناه أنه لا يذكره في صورة ما يقوله من عند نفسه بل يضيفه إلى غيره ويحكيه عن إمامه الذي قلده فعلى هذا من عددناه في أصناف المفتيين من المقلدين ليسوا على الحقيقة من المفتيين ولكنهم قاموا مقام المفتين وأدوا عنهم فعدوا معهم وسبيلهم في ذلك أن يقول مثلا مذهب الشافعي كذا وكذا أو مقتضى مذهبه كذا وكذا وما أشبه ذلك .
ومن ترك إضافة ذلك إلى إمامه إن كان ذلك منه اكتفاء بالمعلوم عن الحال عن التصريح بالمقال فلا بأس .
وذكر الماوردي في كتابه الحاوي في القاضي إذا عرف حكم حادثة بني على دليلها ثلاثة أوجه .
أحدها أنه يجوز أن يفتي به ويجوز تقليده فيه لأنه قد وصل إلى العلم به مثل وصول العالم إليه .
والثاني يجوز ذلك إن كان دليلها من الكتاب والسنة .
والثالث هو أصحها أنه لا يجوز ذلك مطلقا .
قلت وليس فيما ذكره حكاية خلاف في جواز فتيا المقلد وتقليده لأن فيما ذكره من توجيه وجه الجواز تشبيها بأن العامي لا يبقى مقلدا في حكم تلك الحادثة والله أعلم .
الثاني إن قلت من تفقه وقرأ كتابا من كتب المذهب أو أكثر هو مع ذلك قاصر لم يتصف بصفة أحد من أصناف المفتين الذين سبق ذكرهم فإذا لم يجد العامي في بلده غيره فرجوعه إليه أولى من أن يبقى في واقعته مرتكبا في