@ والدليل على صحته ظاهر وكل واحد من هذين الأمرين كاف في حال المشنع .
أما دليل صحته فإن الدية في ذلك وفي سائر هذا الباب يجيب على الرأي الصحي على الجاني ثم يتحملها عنه عاقلته وهذا معروف مقرر في كتب المذهب فحصر المعترض وقوله إنما يجيب على العاقلة نافيا لوجوبها على الجانب خطأ في في مقام الأخذ ظاهر ومن قال تجب على من وجدت منه الجناية ولم ينف وجوبها على عاقلته فقد أصاب والمذكور من فتوى شيخنا هو هكذا ليس فيه تعرض لتحمل العاقلة بنفي ولا إثبات .
ومثل هذا يحسن إذا اجتمع في الحادثة فعل شخصين أو أكثر وقع النظر والسؤال عن تعيين من يكون فعله منهم هو الموجب للضمان فلا بأس أن يقال في جوابه يجب الضمان على الشخص الفلاني منهم ويقتصر على هذا من غير تعرض لتحمل العاقلة فإن ذلك واف بما سئل عنه من بيان ما تعلق الضمان بفعله وليس عليه أن يبين أن الضمان يستوفى من صاحب الفعل الذي تعلق الضمان به أو يستوفى من عاقلته بتحمله عنه أو ولي ينوب عنه فإن ذلك من تفاصيله التي لم يتوجه نحوها السؤال وما يجري ذكره لا في موضعه لسبب من الأسباب فإن المتكلم يمر به مرا ولا يعرج عن تفصيله واستقصائه فإن الغرض حينئذ غير ذلك فهو واضح لا غبار عليه .
ولنا أن الذي أنكره مستعمل موجود في كلام الأئمة فيقتصر فيه على حكاية كلام الشيخ أبي إسحاق رضي الله عنه في المهذب فإنه كاف في إظهار قلة خبرة الرجل وفيه غنية عن التطويل بحكاية كلام غيره .
قال رضي الله عنه في مهذبه وإن حفر بئرا في الطريق ووضع آخر حجرا فتعثر رجل بالحجر ووقع في البئر فمات وجب الضمان على واضع الحجر وقال أيضا إن وضع رجل حجرا في الطريق ووضع آخر حديدة بقربه فتعثر رجل بالحجر ووقع على الحديدة فمات وجب الضمان على واضع الحجر فهذا كلام هذا الإمام أضاف وجوب الضمان إلى من وجدت منه الجناية وسكت عن العاقلة مع إنه واجب