@ وأتى به شيخنا وسأله أن يذكر فيه جوابه بدليله على وجه يبطل خيال من اعترض فكتب له جوابه كذلك وضمنه ما يبطل عمدة المشنع وأنا أحكيه على جهته ففيه كفاية قال الجواب والله الموفق للصواب أنه لا يصدق في ذلك بغير بينة فإن قوله قسمته بينكم ادعاء منه لدفعه إليهم ولا يقبل قوله في ذلك إلا بينة وهذا مستمر على ظاهر مذهب الشافعي رضي الله عنه ومنصوصه في أن الوصي لا يقبل قوله في دفع المال إلي الوارث إلا ببينة ومندرج تحت القاعدة المحفوظة المقررة في أن من ادعى الرد على غير من ائتمنه فلا يصدق من غير بينة ثم إنه يكفي الوصي فيما يقيمه من البينة أن يقيم بينة على قسمته مالا هو بقدر ذلك المال المخبوء على صفته ولا يقبل عليه عند ذلك قول الورثة إن ذلك مال لنا آخر ما لم يقيموا حجة توجب ما ادعوه فإن قال المعترض دعواهم على خلاف ظاهر الحال فإن القسمة التي جرت كانت لإيصالهم إلى كمال حقهم فعدم نزاعهم حالة القسمة ورضاهم بها دليل على اندراج القدر المخبوء في جملة المقسوم بينهم فلا يقبل دعواهم على خلاف ذلك وأصله ما إذا كان لإنسان على إنسان عشرة أقفزة من صبرة فحضر ليقبض منه حقه ثم ادعى بعد القبض والتفرق أنه لم يقبض كمال حقه فإنه لا يقبل قوله .
قلت هذا إنما يتجه لو كانت القسمة المذكورة هي القسمة المنشأة لتوزيع مالهم عليهم وليس في السؤال ما يظهر منه ذلك عند من يميز مواقع الألفاظ ولو قدرنا أن الأمر كذلك لكان أيضا القول قول الورثة مع إيمانهم وأما المسألة المستدل بها فممنوعة فالقول فيها أيضا قول القابض على قول لأن الأصل عدم القبض وهذا القول هو الصحيح عند بعض أئمتنا وإن قلنا بالقول الآخر هناك فلا يجيء ذلك القول فيما نحن فيه فإن دعوى القابض هناك وقعت على خلاف الظاهر من حيث أنه يعرف مقدار حقه وحضر ليقبض كمال حقه فالظاهر أنه لا يغادر منه شيئا وهذا غير موجود في الورثة المذكورين الذين لا يدرون كم بقي من أموالهم بعدما سبق من المتولي عليهم من الانفاقات والتصرفات وإن أمكن ذلك فليس بالظاهر من حالهم فإن قال أليس إذا ادعى أحد الشريكين بعد القسمة بقاشى من حقه بسبب الغلط فإنه لا يقبل منه فلا يجاب قائل هذا بأكثر من أن تشرح له تلك