@ 115 @ وأحاديث الزهد ، ومكارم الأخلاق ، ونحو ذلك مما لا يتعلق بالحلال والحرام ، وسائر الحكام . وهذا الضرب من الحديث يجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل فيه ، ورواية ما سوى الموضوع منه ، والعمل به لأن أصول ذلك صحيحة مقررة في الشرع ، معروفة عند أهله . وعلى كل حال فإن الأئمة لا يروون عن الضعفاء شيئاً يحتجون به على انفراده في الأحكام ، فإن هذا شيء لا يفعله إمام من أئمة المحدثين ، ولا محقق من غيرهم من العلماء . وأما فعل كثيرين من الفقهاء ، أو أكثرهم ، ذلك ، واعتمادهم عليه ، فليس بصواب ! بل قبيح جداً ! وذلك لأنه إن كان يعرف ضعفه لم يحل له أن يحتج به فإنهم متفقون على أنه لا يحتج بالضعيف في الأحكام ، وإن كان لا يعرف ضعفه ، لم يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن كان عارفا ، أو بسؤال أهل العلم به إن لم يكن عارفا ) ) انتهى . .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله تعالى : ( ( قد يكون الرجل عندهم ضعيفاً لكثرة الغلط في حديثه ، ويكون حديثه الغالب عليه الصحة ، فيروون عنه لأجل الاعتبار به ، والاعتضاد به ، فإن تعدد الطرق وكثرتها بقوى بعضها بعضاً ، حتى قد يحصل العلم بها ، ولو كان الناقلون فجاراً وفساقاً ، فكيف إذا كانوا علماء عدولاً ، ولكن كثر في حديثهم الغلط ؟ وهذا مثل عبد الله بن لهيعة ، فإنه من أكابر علماء المسلمين ، وكان قاضياً بمصر ، كثير الحديث ، ولكن احترقت كتبه فصار يحدث من حفظه فوقع في حديثه غلط كثير ، مع أن الغالب على حديثه الصحة . قال أحمد : قد أكتب حديث الرجل للاعتبار به ، مثل ابن لهيعة ، وأما من عرف منه أنه يتعمد الكذب فمنهم من لا يروى عن هذا شيئاً . وهذه طريقة أحمد بن حنبل وغيره : لم يرو في مسنده عمن يعرف أنه يتعمد الكذب ، لكن يروى عمن عرف منه الغلط للاعتبار به ، والاعتضاد . ومن العلماء من كان يسمع حديث من يكذب ويقول : إنه يميز بين ما يكذبه وبين ما لا يكذبه ، ويذكر عن الثوري أنه كان يأخذ عن الكلبي ، وينهى عن الأخذ عنه ، ويذكر أنه يعرف . ومثل هذا قد يقع لمن كان خبيراً بشخص ، إذا حدثه بأشياء يميز بين ما صدق فيه ، وما كذب فيه ، بقرائن لا يمكن