@ 397 @ .
الأول : - مجرد العناد ، فقد يخالف فيه مقتضى الطبع الحبلي ، فغيره أولي ؛ وعلى ذلك دل قوله تعالى : ( ^ وجحدوا بها . . . ) الآية وقوله تعالى : ( ^ ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق ) وأسباه ذلك . والغالب على هذا الوجه أن لا يقع إلا لغلبة هوى من حب دنيا أوجاه أو غيره ذلك ، بحيث يكون وصف الهوى قد غمر القلب ، حتى لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكرا . .
الثاني : _ الفلتات الناشئة عن الغفلات التي لا ينجو منها البشر ، فقد يصير العالم بدخوله الغفلة غير عالم ، وعليه يدل عند جماعة قوله تعالى : ( ^ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة فيم يتوبون من قريب . . . ) الآية . وقال تعالى : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكرون فإذا هم مبصرون ) ومثل هذا الوجه لا يعترض على أصل المسألة ، كما لا يعترض نحوه على سائر الأوصاف الجبلية ؛ فقد لا تبصر العين ، ولا تسمع الأذن ، لغلبة فكر أو غفلة أو غيرهما ، فترتفع في الحال منفعة العين والأذن ، حتى يصلب ، ومع ذلك لا يقال إنه غير مجبول على السمع والإبصار ، فما نحن فيه كذلك . .
الثالث : - كونه ليس من أهل هذه المرتبة ، فلم يصر العلم له وصفاً أو كالوصف ، مع عده من أهلها ، وهذا يرجع إلى غلط في اعتقاد العالم في نفسه ، أو اعتقاد غيره فيه ، ويدل عليه قوله تعالى : ( ^ ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله ) . وفي الحديث : ( ( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ) ) إلى أن قال : ( ( اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ) ) وقوله : ( ( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرفة ، أشدها فتنة على أمتي الذين يقيسون الأمور بآرائهم ) ) الحديث .