@ 377 @ أولئك المجروحين عنده ، أو قد اتصل من غير الجهة المنقطعة ، وقد ضبط ألفاظ الحديث بعض المحدثين الحفاظ ، أو لتلك الرواية من الشواهد والمتابعات ما يبين صحتها ، وهذا أيضاً كثير جداً ، وهو في التابعين وتابعيهم إلى الأئمة المشهورين من بعدهم ، أكثر من العصر الأول أو كثير من القسم الأول ، فإن الأحاديث كانت قد انتشرت واشتهرت ، لكن كانت تبلغ كثيراً من العلماء من طرق ضعيفة ، وقد بلغت غيرهم من طرق صحيحة غير تلك الطرق ، فتكون حجة من هذا الوجه ، مع أنها لم تبلغ من خالفها من هذا الوجه ، ولهذا وجد في كلام غير واحد من الأئمة تعليق القول بموجب الحديث على صحته ، فيقول : قولي في هذه المسألة كذا ، وقد روى فيها حديث بكذا ، فإن كان صحيحاً فهو قولي . .
السبب الثالث 0 - اعتقاد ضعف الحديث باجتهاد قد خالفه فيه غيره ، مع قطع النظر عن طريق آخر ، سواء كان الصواب معه أو مع غيره ، أو معهما عند من يقول : كل مجتهد مصيب ، ولذلك أسباب : .
منها : أن يكون الحديث يعتقده أحدهما ضعيفاً ، ويعتقده الآخر ثقة - ومعرفة الرجال علم واسع - ثم قد يكون المصيب من يعتقد ضعفه لاطلاعه على سبب جارح ، وقد يكون الصواب مع الآخر لمعرفته أن ذلك السبب غير جارح ، إما لأن جنسه غير جارح ، أو لأنه كان له فيه عذر يمنع الجرح . وهذا باب واسع ، وللعلماء بالرجال وأحوالهم في ذلك من الإجماع والاختلاف مثل ما لغيرهم من سائر أهل العلم في علومهم . .
ومنها : أن لا يعتقد أن المحدث سمع الحديث ممن حدث عنه ، وغيره يعتقد أنه سمعه لأسباب توجب ذلك معروفة . .
ومنها : أن يكون للمحدث حالان : حال استقامة ، وحال اضطراب ، مثل أن يختلط أو تحرق كتبه ، فما حدث به في حال الاستقامة صحيح ، وما حدث به حال الاضطراب ضعيف ، فلا يدري ذلك الحديث من أي النوعين . وقد علم غيره أنه مما حدث به في حال الاستقامة .