@ 290 @ هو الأولي والأخير ، فجعلهم بسبب ذلك محرومين عن العمل بحديث خير البشر وهذه البلية من البلايا الكبر ، إنا الله إليه راجعون . ومن أعجب العجائب أنهم إذا بلغهم من بعض الصحابة رضي الله عنهم ما يخالف الصحيح من الخبر ، ولم يجدوا له محملاً ، جوزوا عدم بلوغ الحديث إليه ، لوم يتقل ذلك عليهم ، وهذا هو الصواب . وإذا بلغهم حديث يخالف قول من يقلدونه اجتهدوا في تأويله القريب والبعيد ، وسعوا في محامله الثائية والدانية ، وربما حرفوا الكلم عن مواضعها . وإذا قيل لهم عند عدم وجود المحامل المعتبرة : لعل من تقلدونه لم يبلغه الخبر ! أقاموا على القائل القيامة ، وشنعوا عليه أشد الشناعة ، وربما جعلوه من أهل البشاعة ، وثقل ذلك عليهم . فانظر أيها العاقل إلى هؤلاء المساكين ! . يجوزون عدم بلوغ الحديث في حق أبي بكر الصديق الأكبر وأحزابه ، ولا يجوزون ذلك في أرباب المذاهب ، مع أن البون بين الفريقين كما بين السماء والأرض ، وتراهم يقرؤن كتب الحديث ويطالعونها ويدرسونها لا ليعملوا بها ، بل ليعلموا دلائل من قلدوه ، وتأويل ما خالف قوله ، ويبالغون في المحامل البعيدة ، وإذا عجزوا عن المحمل قالوا : من قلدنا أعلم منا بالحديث ! ألا يعلمون أنهم يقيمون حجة الله تعالى عليهم بذلك ؟ ولا يستوي العالم والجاهل في ترك العمل بالحجة ! وإذا مر عليهم حديث يوافق قول من قلدوه انبسطوا ، وإذا مر عليهم حديث يخالف قوله ، أو يوافق مذهب غيره ربما انقبضوا ، ولم يسعوا قول الله : ( ^ فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) انتهى كلام السندي رحمه الله تعالى . .
12 - التحذير من التعسف في رد الأحاديث إلى المذاهب .
قال العلامة المحقق المقري في قواعده : ( ( لا يجوز اتباع ظاهر نص الإمام مع مخالفته لأصول الشريعة ، عند حذاق الشيوخ . قال الباجي : لا أعلم قولاً أشد خلافاً على مالك من أهل الأندلس ، لأن مالكاً لا يجوز تقليد الرواة عنه ، عند مخالفتهم الأصول ، وهم لا يعتمدون على ذلك ) ) . انتهى . وقال أيضاً :