@ 241 @ .
فالطبقة الأولى : محصرة بالاستقراء في ثلاثة كتب : الموطأ ، وصحيح البخاري ، وصحيح مسلم . قال الشافعي : أصح الكتب بعد كتاب الله موطأ مالك ، واتفق أهل الحديث على أن جميع ما فيه صحيح على رأي مالك ومن وافقه ، وأما على رأي غيره فليس فيه مرسل ولا منقطع إلا قد اتصل السند به من طرق أخرى فلا جرم أنها صحيحة من هذا الوجه . .
( ( ولم يزل العلماء يخرجون أحاديثه ، ويذكرون متابعاته وشواهدة ، ويشرحون غريبة ويضبطون مشكله ، ويبحثون عن فقهه ، ويفتشون عن رجاله ، إلى غاية ليس بعدها غاية . وإن شئت الحق الصراح ، فقس كتاب ( ( الموطأ ) ) بكتاب ( ( الآثار ) ) لمحمد ، و ( ( الأمالي ) ) لأبي يوسف ، تجد بينه وبينهما بعد المشرفين ، فهل سمعت أحداً من المحدثين والفقهاء تعرض لهما وأعتنى بهما . .
( ( أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع ، وأنهما متواتران إلى مصنفيهما ، وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع غير سبيل المؤمنين . وإن شئت الحق الصراح فقسهما بكتاب ابن أبي شيبة ، وكتاب الطحاوي ومسند الخوارزمي ، وغيرهما ، تجد بينها وبينهما بعد المشرقين . .
( ( وهذه الكتب الثلاثة التي اعتنى القاضي عياض في المشارق بضبط مشكلها ، ورد تصحيفها . .
( ( الطبقة الثانية : كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ، ولكنها تتلوها ، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث ، ولم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم ، وتلقاها من بعدهم بالقبول ، وأعنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة ، واشتهرت فيما بين الناس ، وتعلق بها القوم ، شرحا لغريبها ، وفحصاً عن رجالها ، واستنباطاً لفقهها ، وعلى تلك الأحاديث بناء عامة العلوم : كسنن أبي داود ، وجامع الترمذي ، ومجتبي النسائي ، وهذه الطبقة الأولى ، اعتنى بأحاديثها