فغاب عني في الجبل ثلاثة أيام وأنا أنتظره إذا هاجت علي النفس أطعمتها من نبات الأرض وسقيتها من ماء الغدران فلما كان بعد الثالث رجع إلي متغير اللون ذاهب العقل فقلت له بعد أن رجعت إليه نفسه يا أبا الفيض أسبع عارضك فقال لا دعني من تخويف البشرية إني دخلت كهفا من كهوف هذا الجبل فرأيت رجلا أبيض الرأس واللحية أشعث أغبر نحيفا نحيلا كأنما أخرج من قبره ذا منظر مهول وهو يصلي فسلمت عليه بعد ما سلم فرد علي السلام و قام إلى الصلاة فما زال راكعا و ساجدا حتى صلى العصر واستند إلى حجر حذاء المحراب يسبح لا يكلمني فبدأته بالكلام فقلت له رحمك الله توصيني بشيء ادع الله عزوجل لي بدعوة فقال يا بني آنسك الله تعالى بقربه ثم سكت فقلت زدني فقال يا بني من آنسه الله بقربه أعطاه أربع خصال عزا من غير عشيرة وعلما من غير طلب وغنى من غير مال وأنسا من غير جماعة .
ثم شهق شهقة فلم يفق إلا بعد ثلاثة أيام حتى توهمت أنه ميت فلما كان بعد ثلاثة أيام قام فتوضأ من عين ماء إلى جنب الكهف وقال لي يا بني كم فاتني من الفرائض صلاة أو صلاتان أو ثلاث قلت قد فاتتك صلاة ثلاثة أيام بلياليهن فقال .
إن ذكر الحبيب هيج شوقي % ثم حب الحبيب أذهب عقلي .
وقد استوحشت من ملاقاة المخلوقين و قد أنست بذكر رب العالمين انصرف عني بسلام فقلت له يرحمك الله وقفت عليك