ويخفي نفسه فربما بليت ثيابهم و نفذ ما عندهم و لا يدرون من الذي أعطاهم و لا أعلم منذ صحبته وصل أحدا بأقل من مائة درهم إلا أن لا يمكنه ذلك و كنت أخبز له فما نخلت له دقيقا إلا أن أعصيه و كان يقول لي اشتر لي شعيرا أسود قد تركه الناس فإنه يصير إلى الكنيف و لا تشتري لي إلا ما يكفيني يوما بيوم .
و كان يقول و الله الذي لا إله إلا هو ما رأيت نفسا تصلي إلى القبلة شرا عندي من نفسي و دخلت عليه قبل موته بأربعة أيام بنيسابور فقال يا أبا عبد الله تعال أبشرك بما صنع الله بأخيك من الخير قد نزل بي الموت و قد من الله علي أنه ليس عندي درهم يحاسبني الله عليه و قد علم ضعفي فإني لا أطيق الحساب فلم يدع عندي شيئا يحاسبني عليه ثم قال أغلق الباب و لا تأذن لأحد علي حتى أموت و اعلم أني أخرج من الدنيا و ليس أدع ميراثا غير كسائي ولبدي وإنائي الذي أتوضأ فيه وكتبي .
وكانت معه صرة فيها نحو ثلاثين درهما فقال هذا لابني أهداه إليه قريب له و لا أعلم شيئا أحل لي منه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنت و مالك لأبيك فكفنوني منها فإن أصبتم لي بعشرة دراهم ما يستر عورتي فلا تشتروا بخمسة عشر و ابسطوا على جنازتي لبدي و غطوا علي بكسائي و تصدقوا بإنائي أعطوه مسكينا يتوضأ منه ثم مات اليوم الرابع