فأبدى الشيخ له البشر والترحيب ثم سلمنا عليه فقال الشاب إن الله بمنه وفضله قد جعلك طبيبا لسقام القلوب معالجا لأوجاع الذنوب وبي جرح نغل وداء قد إستكمل فإن رأيت أن تلطف لي ببعض مراهمك وتعالجني برفقك .
فقال له الشيخ سل ما بدا لك يا فتى فقال له الشاب يرحمك الله ما علامة الخوف من الله تعالى قال أن يؤمنه خوفه كل خوف غير خوفه قال متى يتبين للعبد خوفه من الله تعالى قال إذا أنزل نفسه من الدنيا منزلة السقيم فهو يحتمي من أكل الطعام مخافة السقام ويصبر على مضض كل دواء مخافة طول الضنى .
فصاح الفتى صيحة ثم بقي باهتا ساعة ثم قال رحمك الله ما علامة المحب لله تعالى فقال له حبيبي إن درجة المحب درجة رفيعة قال وأنا أحب أن تصفها لي قال فإن المحبين لله تعالى شق لهم عن قلوبهم فأبصروا بنور القلوب عز جلال الله فصارت أبدانهم دنياوية وأرواحهم حجبيه وعقولهم سماوية تسرح بين صفوف الملائكة وتشاهد تلك الأمور باليقين فعبدوه بمبلغ إستطاعتهم حبا له لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار .
فشهق الفتى وصاح صيحة كانت فيها نفسه قال فأكب الشيخ عليه يلثمه ويقول هذا مصرع الخائفين وهذه درجة المجتهدين