@ 3 @ الرجال ولوفي المخاوف والمهالك وخافه كل مقدام فاتك وكان عظيم القدر مفرط السخاء بصيرا بفصل الأمور شجاعا مقداما حاذقا صاحب فراسة عجيبة حكى أنه سرقت الفرضة السلطانية بجدة وضاع منها قماش له صورة وأموال كثيرة ولم يكسر بابها ولا نقب جدارها ولا أثر يحال عليه معرفة المطلوب والطالب بل حبل مسدول من بعض الجوانب فلما عرض عليه طلب الحبل ثم شمه ثم قال هذا حبل عطار ثم دفعه إلى ثقة من خدامه وأمره أن يدور على العطارين فعرفه بعضهم وقال هذا حبل كان عندي اشتراه مني فلان ثم نقل من رجل إلى رجل إلى أن وصل لشخص من جماعة أمير جدة ثم وجدت السرقة بعينها في المحل الذي ظنها فيه ومع ما كان فيه من هذه الصفات كان كل صاحب فضل باهر وأدب غض ومحاضرة فائقة واستحضار غريب حكى البديعي في كتابه الذي ألفه في حيثية المتنبي وسماه الصبح المنبي عن حيثية المتنبي عن بعض علماء القاهرة وأظنه احمد الفيومي قال كنت في حرم البيت المنيف فدعاني إلى بعض الأماكن الشريفة حسن الشريف وسمع بتلك الدعوة أحد بني عمه الكرام فسارع إلينا مسارعة القطر من الغمام واتفق أن سقط من يده الكريمة خاتم به حجر ثمين القيمة فقال له لم لا تقف على طلب ذلك الخاتم الثمين فقال له ألست من أبناء أمير المؤمنين فلمح الشريف إلى قول أبي الطيب شعر | % ( بليت بلى الأطلال أن لم أقف بها % وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه ) % | ولمح ابن عمه إلى قول المتنبي أيضا | % ( كذا الفاطميون الندى في أكفهم % أعز انمحاء من خطوط الرواجب ) % | والبيت الأول من قصيد للمتنبي كثيرة العيوب وذكر البديعي المذكور عند الكلام على هذا البيت نكتة أو ردها ولم يتنبه لمحذورها وهي سأل بعضهم كم قدر ما يقف الشحيح على طلب الخاتم فقال أربعين يوما ثم قيل له ومن أين علمت ذلك قال من سليمان بن داود عليهما السلام فإنه وقف على طلب الخاتم أربعين يوما فقيل له ومن أين علمت أنه بخيل قال من قوله تعالى هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي وما كان عليه أن يهب الله لعباده أضعاف ملكه انتهى وهذا كلام كما تراه صادر عن قلة التدبر فإن الأنبياء عليهم السلام ينزه مقامهم عن البخل المخل بنبوتهم وما يتوهم فيه من إسناد البخل إلى سليمان قد دفعه أئمة التفسير بأجوبة كثيرة منها أن المراد