@ 401 @ والرخام وقد قدمنا ان عسكر بج كانوا قد هربوا وكذلك هرب أهل الخارج من الرعية ولم يبق الا نحو عشرين ألف رجل عشرة آلاف من العسكر وعشرة آلاف من الرعية فى داخل القلعة فأمر الوزير باحراق الخارج فأحرق فى أقل من طرفة عين ولم يبق الا محل أو طاق السلطان سليمان ومحله المذكور كانت الكفار قديما بنته بناء عظيما وصيرته من أحسن المنتزهات بالبلدة المذكورة تعظيما منهم للسلطان سليمان فانهم يعظمونه كثيرا ثم أمر بمحاصرة القلعة فنصبت عليها المكاحل وشرع العسكر فى رميها بآلات الحرب فضاق بمن فيها الخناق فى أقل من قليل والتجؤا الى أن يسلموها طوعا فأبى الوزير خوفا من أن ينهب العسكر ما فيها من الاموال وحكى أنه ابرم عليه أعيان الوزراء والعسكر فى المبادرة الى دخولها صلحا خوفا من أمر يأتى فقال ان ضمنتم لى العسرك فى أن لا يأخذوا شيئا فعلت فأبوا فتمادى الامر يومين أو ثلاثة وهو وبقية الوزراء فى اعمال الفكر على ان يفتحوها عنوة ومالهم علم بما سيحدث عليهم من الامر واذا بطلائع الكفار أقبلت وفى اثرها عسكر سد الفضا وشب نيران الغضا لا يبالون بقتل ولا ضرب بل يقدمون على الموت بجنان من الصخر وقلب وهجموا دفعة واحدة والعسكر فى غفلة عما يراد بهم واختلطوا بهم طامعين فى قتلهم وسلبهم وأطلقوا السيوف وجردوا أسنة الحتوف فلم يكن بأسرع مما انقلب العيان وجمدت فى الوجوه العينان وكان المقدم من المسلمين من عمد الى الفرار ولم يقوله فى تلك الحالة القرار فقتل من قتل ونجا من نجا لكن نجاة من عدم المعونة والالتجا واحتوت الكفار على السرادقات والخيول وفازوا بأمر كان يتعسر اليه فى أحلامهم الوصول وكر الوزير بمن معه هاربا وللنجاة من اللحاق به طالبا وتفرق العسكر فى تلك البرارى والوهاد ولم يجدوا من مرشد لهم ولا هاد ونفد ما معهم من الزاد فبعضهم وصل الى بودم والبعض الى اكرى وهكذا حتى اجتمعوا بعد مدة ببلغراد ونفذ أمر العلى الكبير وهو على جمعهم اذا يشاء قدير وأقام الوزير صاحب الترجمة ببلغراد يدبر أمرا فى تلافى ما مضى واختلفت بعيد ذلك الآراء وكثرت التخاليط وأظهرت نصارى الافلاق والبغدان والاردل العصيان وعم الغم وعظم الوهم وزحفت الكفار على بلاد الاسلام فأخذوا بعض قلاع وبعث الوزير فى ذلك الاثناء الى ملك الانكروس رسولا برسالة يتهدده فيها ويقول له انه لابد من مقابلتك وكسرك