@ 317 @ الصائغ السرى وما أدراك ما السرى أنموذج المعارف ونكتة مسألة التحقيق كان من الفضل والتحقيق فى أسمى منزلة وأعلى هضبة وما رأيت فيمن رأيت الا من يصفه بالفضل الباهر ويبالغ فى الثناء عليه وقال والدى فى ترجمته لم أر فى مصر أحسن من شكله وملبوسه وعمامته ولا ألطف من مصاحبته ومنادمته وأما فضله فاليه النهاية وليس وراءه غاية ولم يكن فيه عيب سوى الشح وكان والده من أكابر التجار المياسير خلف له أموالا كثيرة ثم اشتغل بقراءة العلوم فقرأ على أبى بكر الشنوانى ثم لزم المولى حسين المعروف بباشا زاده نزيل مصر واختص به وبه تفوق على نظرائه وكان يعرف اللغة الفارسية والتركية حق المعرفة بحيث انه اذا تكلم بهما يظن أنه من أهلهما ودرس بمصر فى المدرسة السليمانية والمدرسة الصرغتمشية وكان يكتب الخط المدهش وألف حاشية على شرح الهداية للاكمل وحاشية على شرح المفتاح الشريفى وحاشية على البيضاوى ورسالة فى المشاكلة وكلها ممتعة نفيسة جارية على الدقة والنظر الصحيح وانتفع به جماعة وسافر الى الروم بطلب من شيخ الاسلام أحمد بن يوسف المعيد مفتى السلطنة ورزق منه قبولا تاما ووجه اليه رتبة قضاء القدس ودخل دمشق ذهابا وايابا وأخذ عنه بها الشيخ محمد ابن محمد العيثى ووالدى وعرض عليه رحلته الرومية الاولى فكتب عليها الحمد لله الذى تفضل على من شاء من عباده فكان له محبا وشغفه بالكمال فكان به ولوعا وصبا والصلاة والسلام على أشرف الانام الذى ترقى فى حضرات القدس وشاهد الانس دنوا وقربا وعلى آله وأصحابه الذين لم يجعل لهم فى سوى اقتفاء آثاره حاجة وقربى وبعد فقد بعث الى من وادى الادب المقدس هدية سنية وسفر أسفر عن بدائع عبقريه حيرتنى فلست أدرى أروض دبجته أيدى الغمام أم عسجدية حسنتها فارس بأنواع التصاوير والارقام بيد أنها أعربت عن سمو همة مبدعها بالاقتداء فى الهجرة بالآباء الكرام فسار مسير الهلال فى منازل التحصيل ثم الترقى الى أوج التمام فالله تعالى يكثر من أمثاله اذ لم نر له مثلا فضلا عن أمثال ويبقيه صدرا للافادة ومحتدا للفضل والافضال وأورد له والدى رحمه الله فى ترجمته قصيدة من نظمه فى غاية السلاسة واللطافة وذكر أنه مدح بها قاضى مصر المولى عبد الكريم المنشى ومستهلها % ( رعى الله عصر بالغرام تقدما % أراه بثوب الدهر وشيا منمما ) %