@ 27 @ .
الباسطية عند الجسر الأبيض من صالحية دمشق وحكى لي في ذلك غريبا وهو أنه دخل على واقفها في قدمة قدمها قبل ظهور تقريره إياها مدرسة للتهنئة بقدومه فأعجبته وقال في نفسه أنه لا يتهيأ له سكنى مثلها إلا في الجنة فلما انفصل من السلام عليه لم يصل إلى بابها إلا وبعض جماعة القاضي قد تبعه فأخبره أن القاضي تحدث وهو في الطريق بعملها مدرسة وقرره في مشيختها وحمدت سيرته في مباشراته كلها خصوصا في مال الحرمين بحيث امتنع من قبول رسالة مصادمة للحق ولو جل مرسلها . وأختصر الصحاح للجوهري اختصارا حسنا وجمع ديوان خطب من إنشائه وديوان شعر من نظمه وضمن الفية ابن مالك قصيدة امتدح بها النجم ابن حجي وله الغيث الهاتن في وصف العذار الفاتن أتى فيه بمقاطيع رائقة ومعان فائقة اشتمل على نحو مائة وخمسين مقطوعا أودع كلا منها معنى غريبا غير الآخر مع كثرة ما قال الناس في ذلك مما هو دال عل سعة نظره وحسن فكره وأنشأ رسالة عاطلة من النقط من عجائب الوضع في السلاسة والانسجام وعدم الحشو والتكلف سمعها منه شيخي وذكره في معجمه وهو خاتمة من فيه موتا وغيره من الأئمة وأثنوا على فضائله وجميل خصائله واشتهر ذكره وبعد صيته وعمر حتى أخذ عنه الفضلاء طبقة بعد طبقة وصار شيخ الأدب بالبلاد الشامية بغير مدافع ولهم بوجوده الجمال والفخر قال ابن قاضي شهبة اضافنا بمنزلة في الصالحية صحبة النجم بن حجي وقرأ علينا تضمينه لألفية ابن مالك في مدح النجم كما فعل ابن نبانة بالملحة في مدح السبكي فأجاد كل الاجادة على أن بين الألفية والملحة البون الكثير فتضمين الألفية أشد ولكنه ممن ألين له الكلام . وذكره المقريزي في تاريخه وقال انه مميز في عدة فنون سيما الأدب فله النظم الجيد قال وتردد إلى مع والده ترددا كثيرا . وأورد ابن خطيب الناصرية في تاريخه من نظمه ووصفه بالشيخ الامام العامل الفاضل البليغ انتهى . وقد لفيته بدمشق وقرأت عليه بباسطيتها أشياء وسمعت من نظمه ونثره مالا أحصيه وعندي منهما الكثير وأوردت في معجمي منه جملة وابتهج بقدومي عليه وبالغ في الثناء والذكر الجميل وكان جميل الهيئة منور الشيبة طوالا مهابا ذا فصاحة وطلاقة وحشمة ورياسة ومكارم وتواضع وتودد وعدم تدنس بما يحط من مقداره واقتدار على النظم والنثر بحيث كتب بخطه الحسن من انشائه ما لا يحصى كثرة وكان يحكى أن