@ 92 @ المتقدم ذكره برسالة مستلقة فأجابها بما تقدم وكان يجاوبهم ويصاولهم ويجاولهم فيقهرهم بالحجة ولم يكن في زمنه من يقوم له لكونه في طبقة ليس فيها أحد من شيوخه فضلا عن معارضيه والذى يغلب على الظن أن شيوخه لو جمعوا جميعا في ذات واحدة لم يبلغ علمهم إلى مقدار علمه وناهيك بهذا .
ثم بعد هذا انجمع وأقبل على العبادة وتمشيخ وتوحش في الفلوات وانقطع عن الناس ولم يبق له شغلة بغير ذلك وتأسف على ما مضى من عمره في تلك المعارك التى جرت بينه وبين معاصريه مع أنه في جميعها مشغول بالتصنيف والتدريس والذب عن السنة والرفع عن اعراض أكابر العلماء وأفاضل الأمة والمناضلة لأهل البدع ونشر علم الحديث وسائر العلوم الشرعية في أرض لم يألف أهلها ذلك لا سيما في تلك الأيام فله أجر العلماء العاملين وأجر المجاهدين المجتهدين ولكنه ذاق حلاوة العبادة وطعم لذة الانقطاع إلى جناب الحق فصغر في عينيه ما سوى ذلك .
وقد ترجمه بعض بنى الوزير في كراريس واستوفى أحواله ولو ترجمه في مجلد لم يكن وافيا بحقه وترجمه أيضا جماعة من علماء الزيدية ومن غيرهم من قدمنا ذكره كالوجيه العطاب اليمني والشريف الفاسى المالكى في كتابه العقد الثمين الذى جعله تاريخا لمكة والبريهى ومدحه غير واحد من أعيان العلماء والحاصل أنه رجل عرفه الأكابر وجهله الأصاغر وليس ذلك مختصا بعصره بل هو كاين فيما بعده من العصور إلى عصرنا هذا .
ولو قلت ان اليمن لم ينجب مثله لم أبعد عن الصواب وفي هذا الوصف مالا يحتاج معه إلى غيره وما أحسن قوله في معاتبة شيخه المتقدم ذكره