@ 309 @ فنحن نثبت النزول على وجه يليق بجلال الله وعظمته من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ونقول قد أخبر به الصادق وما أخبر به فهو عين الحق وما لزم الحق فهو حق ونقول أن النزول الحقيقي يستلزم ما ذكرناه وما استروح إليه مخالفنا من أن المراد نزول بعض الذات كما في قوله ! < فلما تجلى ربه للجبل > ! والمراد تجلى البعض أمر غير مقبول منه والفرق بين الموضعين ظاهر والدليل هناك دل على إرادة البعض فلا يلزم من الحمل على إرادة البعض في مكان بدليل الحمل على إرادة البعض في مكان آخر من غير دليل وما ذكر من أمر جبريل وتمثل بعضه للنبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية أمر لم يدل عليه عقل ولا شرع فلا يجوز المصير إليه بمجرد الرأي بل الذي كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية هو جبريل حقيقة ولعظيم مرتبته وعلو منزلته أقدره الله تعالى على أن يتحول من صورة إلى صورة ومن حال إلى حال فيرى مرة كبيرا ومرة صغيرا كما رآه النبي صلى الله عليه وسلم ولله سبحانه وتعالى المثل الأعلى في السموات والأرض وقد دل العقل والنقل على قيام الأفعال الاختيارية به فهو الفاعل المختار يفعل ما يشاء ويختار ذو القدرة التامة والحكمة البالغة والكمال المطلق وقد ثبت في الصحيح أنه يتحول من صورة إلى صورة وثبت أنه يتبدى لهم في صورة غير الصورة التي رأوه فيها أول مرة ثم يعود في الصورة التي رأوه فيها أول مرة وهذا كله حق لأن الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى قد أخبر له وليس في العقل ما ينفيه بل جميع ما أمر به صاحب الشرع يوافقه العقل