@ 29 @ وقال مثلك من خطب عن العلماء لقد احسنوا اختيارك واحسنت في البلاغ فلما خرجوا قالوا له ما أردت بقولك إلى قيام الساعة وقد انقضت الساعة قال إن احتلتم علي احتلت لنفسي وأسلمتكم للبلاء فسكت القوم وعلموا أن الحق ما صنع .
اخبرنا عمر بن إبراهيم المقرىء قال ثنا مكرم قال ثنا أحمد بن محمد قال ثنا الفضل بن غانم قال كان أبو يوسف مريضا شديد المرض فعاده أبو حنيفة مرارا فصار إليه آخر مرة فرآه ثقيلا فاسترجع ثم قال لقد كنت أؤملك بعدي للمسلمين ولئن اصيب الناس بك ليموتن معك علم كثير ثم رزق العافية وخرج من العلة فأخبر ابو يوسف بقول أبي حنيفة فيه فارتفعت نفسه وانصرفت وجوه الناس إليه فعقد لنفسه مجلسا في الفقه وقصر عن لزوم مجلس ابي حنيفة فسأل عنه فأخبر انه قد عقد لنفسه مجلسا وانه بلغه كلامك فيه فدعا رجلا كان له عنده قدر فقال سر إلى مجلس يعقوب فقل له ما تقول في رجل دفع إلى قصار ثوبا ليقصره بدرهم فسار إليه بعد أيام في طلب الثوب فقال له القصار ما لك عندي شيء وأنكره ثم إن رب الثوب رجع إليه فدفع إليه الثوب مقصورا أله أجرة فان قال له أجرة فقل أخطأت وان قال لا أجرة له فقل اخطأت فسار إليه فسأله فقال ابو يوسف له الاجرة فقال له أخطأت فنظر ساعة ثم قال لا أجرة له فقال له أخطأت فقام أبو يوسف من ساعته فأتى أبا حنيفة فقال له ما جاء بك إلا مسألة القصار قال أجل فقال سبحان الله من قعد يفتي الناس وعقد مجلسا يتكلم في دين الله وهذا قدره لا يحسن ان يجيب في مسألة من الإجارات فقال يا ابا حنيفة علمني فقال إن كان قصره بعدما غصبه فلا أجرة له لأنه إنما قصره لنفسه وإن كان قصره قبل ان يغصبه فله الأجرة لأنه قصره لصاحبه ثم قال من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه