@ 129 @ وأقول لو كان نتنها يعلق بعضو من الأعضاء غير الوجه لكان هين لكنه يعلق بالفم والأنف اللذين وضعهما الحكيم العلي في وسط الوجه الذي هو أشرف الأعضاء فأي مضمضة وأي استنشاق وأي سواك يزيل ذلك النتن الذي يرسخ في أنفاس أهلها وأفواههم وخياشيمهم رسوخا لا يماثله شيء .
ولقد أفصح العامة عن شدة نتن هذه العشبة وصادفوا الصواب حيث قالوا إن فضلة الدخان المسماة بالقير تنجس النجاسة هذا إلى ما يتبع ذلك من المفاسد المتعددة من تغيير عقل متعاطيها حتى أنه إذا انقطعت عنه صار كالمجنون لا يبالي بما يصدر منه ومن دخول الشك في صيامه لأن بقايا ذلك الدخان أو ذلك الغبار قد يمكث في حلقه إلى طلوع الفجر وما بعده لأن جلهم إذا قرب الفجر والوا استعماله حتى يكون هو خاتمة سحورهم وبالجملة فلا يستعمل ذلك إلا من لا خلاق له ولا يكترث بمروءه ولا دين وهو قادح في الشهادة والإمامة والله تعالى الموفق بمنه $ نكبة الفقيه أبي العباس أحمد بابا السوداني وعشيرته من آل آقيت والسبب في ذلك $ .
كان بنو آقيت التكروريون من أهل مدينة تنبكتو وممن لهم الوجاهة الكبيرة والرياسة الشهيرة ببلاد السودان دينا ودنيا بحيث تعددت فيهم العلماء والأئمة والقضاة وتوارثوا رياسة العلم مدة طويلة تقرب من مائتي سنة وكانوا من أهل اليسار والسؤدد والدين لا يبالون بالسلطان فمن دونه ولما فتح جيش المنصور بلاد السودان أبقاهم الباشا محمود على حالهم إلى أن كانت سنة اثنتين وألف فكان أهل السودان قد سئموا ملكة المغاربة وآنسوا منهم خلاف ما كانوا يعهدونه من سلطانهم الأول وكانت أذنهم مع ذلك صاغية لآل آقيت فتخوف المنصور منهم وربما وشي إليه بهم فكتب إلى عامله محمود بالقبض عليهم وتغريبهم إلى مراكش فقبض على جماعة كبيرة منهم كان فيها الفقيه العلامة أبو العباس أحمد بن أحمد بن أحمد ثلاثة أحامد ابن