@ 128 @ فم المؤمن ونكهته حتى في حق الصائم الذي ( خلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك ) هذا كله في حال الصلاة .
وأما خارجها فقد علم من الشرع علما ضروريا أن العبد مطلوب بالمحافظة على هذه الحال والبقاء عليها سائر أوقاته متى قدر على ذلك وتيسر له ومن هذا المعنى ما حرم الله تعالى على هذه الأمة من تناول المستقذرات كالميتة والدم وسائر النجاسات إذ علة حرمة الأشياء وتناولها إما كونها مستقذرة كالنجاسات إجماعا وكالحشرات وما تعافه النفوس على مذهب الشافعي رضي الله عنه أو مضرة كالسم والطين ونحوهما مما يضر بالبدن أو ببعض الأعضاء منه أو محترمة إما لذاتها كالأدمي أو لكونها ملكا للغير وهو ظاهر فالشارع له غرض أكيد في اجتلاب الطيبات واجتناب ما يضادها من المستخبثات وقد ثبت في الصحيح أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعملون في حوائطهم فإذا حضرت الجمعة أتوا إلى المسجد وأبدانهم سهكة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال عند كل جمعة ثم منع كل من تلبس برائحة كريهة كالثوم والبصل والكراث من حضورها وحبب إلى النبي صلى الله عليه وسلم من دنيانا النساء والطيب وندب أمته إلى استعماله في المشاهد العامة مثل الجمع والأعياد ونحوها وخصال الفطرة إنما شرعت لهذا المعنى ففيها كفاية لمن تأملها قوال صلى الله عليه وسلم ( إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ) دفعا للسرف والخيلاء ولئلا يعلق به شيء من النجاسات والأقذار إلى غير هذا مما لو استقصي لطال ودل دلالة قطعية على أن المطلوب من العبد أن يكون نظيفا طيب الرائحة حسن البزة طاهر البدن والثوب مجانبا لكل خبيث مستقذر وهذه حالة أهل الجنة والعكس بالعكس وأنت لا تجد أخبث ولا أقذر من رائحة أفواه شربة الدخان ولا أنتن ولا أعفن من نكهات المستفين لغبار تابغ وهذا النتن من أقبح العيوب في نظر الشرع حتى أنه جعل الخيار لأحد الزوجين إذا كان صاحبه أبخر فإذا لا نشك أن استعمال هذه العشبة الخبيثة في الفم أو الأنف من أعظم المحظورات لأنها تصدم غرضا كبيرا من أغراض الشارع وتضاده وتنفيه