@ 121 @ $ غزو السودان وفتح مدينة كاغو ومقتل سلطانها إسحاق سكية رحمه الله $ .
قد تقدم لنا ما كان من مفاوضة المنصور لحاشيته في غزو السودان واستقرار رأيهم على ذلك فبقي المنصور يقدم رجلا ويؤخر أخرى إلى أن كانت سنة سبع وتسعين وتسعمائة فقوي عزمه واشتغل بتجهيز آلة الحرب وما يحتاج إليه الجيش من آلة السفر ومهماته وأمر القواد أن يقوموا حصص القبائل وما يحتاجون إليه من إبل وخيل وبغال وإن من أتى بجمل ضعيف يعاقب واشتغل هو بتقويم آلة الحرب من المدافع والعجلات التي تحملها والبارود والرصاص والكور وتقويم الخشب واللوح والحديد للغلائط والسفن والفلك والمجاذيف والقلوع والبراميل والروايا لحمل الماء وألف النجارون ذلك في البر إلى أن تألف ثم خلعوه وشدوه أحمالا واستمر الحال إلى أن استوفى المنصور أمر الغزو في ثلاث سنين ثم أمر بإخراج المضارب والمباني لوادي تانسيفت فخرجت الأحمال والأثقال من مراكش في اليوم السادس عشر من ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وتسعمائة ونزلت العساكر وضربت أبنيتها خيلا ورجلا وجملتها عشرون ألفا ومعهم من المعلمين البحرية والطبجية ألفان فالمجموع اثنان وعشرون ألفا وعقد المنصور على ذلك الجيش لمولاه الباشا جؤذر وشد أزره بجماعة من أعيان الدولة فاختار منهم من يعلم نجدته ويعرف كفايته وتخير من الإبل كل بازل وكوماء ومن الخيل كل عتيق وجرداء ثم نهضوا في زي عظيم وهيئة لم ير مثلها وذلك في محرم فاتح سنة تسع وتسعين وتسعمائة وكتب المنصور إلى قاضي تنبكتو الفقيه العلامة أبي حفص عمر ابن الشيخ محمود ابن عمراء قيت الصنهاجي يأمره بحض الناس على الطاعة ولزوم الجماعة .
ولما نهضوا من تانسيفت جعلوا طريقهم على ثنية الكلاوي ثم على درعة ودخلوا القفر والفيافي فقطعوها في مائة مرحلة ولم يضع لهم عقال بعير ولا نقص منهم أحد فنزلوا على مدينة تنبكتو ثغر السودان فأراحوا بها أياما