@ 114 @ جملة وانقطعت عنا حروب تلمسان باستيلاء الترك عليها ثم إن أهل تلك الدول لو أرادوا ما أردنا لصعب عليهم لأن جيوشهم كانت فرسانا رامحة ورماة ناشبة ولم يكن عندهم هذا البارود وعساكر النار المرهبة الصواعق وأهل السودان ليس عندهم الآن إلا الرماح والسيوف وهي لا تقاوم هذه المدافع المستحدثة فمقاتلتهم سهلة وحربهم أيسر من كل شيء وأيضا فإن بلاد السودان أنفع من إفريقية فالاشتغال بها أولى من منازلة الترك لأنه تعب كثير في نفع قليل فهذا جواب ما عرض لكم ولا يحملنكم ترك الملوك الأول ذلك على استبعاد القريب واستصعاب السهل فإنه كم ترك الأول للآخر وقد يفتح على المتأخر بما لم يفتح به على المتقدم فلما فرغ المنصور من خطابه وأبدى ما في وطابه استحسن الحاضرون جوابه واستملحوا إشارته واستجادوا رأيه وقالوا له قد طبقت المفضل وألهمت الصواب ولم تبق لأحد ما يقول وصدق من قال عقول الملوك ملوك العقول فانفصل الجمع على البعث إلى السودان ومناهضة أهله ومتابعة المنصور في رأيه عليه قلت وفي كلام المنصور أمران يحتاجان إلى مزيد بيان الأول ما قاله من أن الملثمين لم تكن لهم سلطنة على السودان يعني بهم الذين أقاموا بأرض المغرب ودبروا أمره مثل يوسف بن تاشفين وبنيه فلا يرد عليه أن الأمير أبا بكر بن عمر غزا السودان وفتح منه مسيرة ثلاثة أشهر لأن ذلك كان بعد رجوعه إلى الصحراء واستقراره بها وإعراضه عن ملك المغرب بالكلية كما مر الثاني ما قاله من أن البارود لم يكن في تلك الدول الفارطة يعني به لم يكن موجودا فيها بكثرة بحيث يستغني به الجيش عن غيره ساعة القتال فلا يرد عليه أن ظهوره كان في أوائل المائة السابعة لأول دولة بني مرين كما مر إذ ظهوره في تلك المدة كلا ظهور والله تعالى أعلم بحقائق الأمور