@ 99 @ فسر بذلك سرورا عظيما وقال الشعراء في ذلك وعم الفرح بلاد المغرب وكان ذلك سنة تسعين وتسعمائة وبعد هذا تشوفت نفس المنصور إلى الاستيلاء على بلاد السودان فكان من أمرها ما نذكره إن شاء الله .
اعلم أن هؤلاء السودان هم من نسل حام بن نوح عليه السلام باتفاق النسابين والمؤرخين ويجاور البربر بأرض المغرب منهم أمم كثيرة من أعظمها أهل مملكة غانة وهم المتصلون بالبحر المحيط من جهة الغرب على مصب النيل السوداني فيه وتتصل بهم من جهة الشرق أمة أخرى تعرف بصوصو بصادين أو سينين مهملتين مضمومتين ثم بعدها أمة أخرى يقال لها مالي ثم بعدها أمة أخرى تسمى كوكو ويقال كاغو ثم بعدها أمة أخرى تعرف بتكرور ويقال لهم أيضا سغاي ثم بعدها أمة أخرى تدعى كانم وهم أهل مملكة برنو المجاورة لإفريقية من جهة قبلتها ثم بعدها أرض النوبة المجاورة لبلاد مصر وهكذا إلى آخر الشرق أمم لا يحصيهم إلا خالقهم .
فأما أهل مملكة غانة فقد كانوا في صدر الإسلام من أعظم أمم السودان أسلموا قديما وكان لهم ملك ضخم وكانت حاضرة ملكهم هي غانة وهي مدينتان على ضفتي النيل السوداني من أعظم مدن العالم وأكثرها عمرانا ذكرها صاحب نزهة المشتاق وصاحب المسالك والممالك وغيرهما .
وقال الفقيه الأديب أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن القيسي الشريشي في شرح المقامات الحريرية ما نصه غانة بلد من بلاد السودان وإليها ينتهي التجار يعني من المغرب والمدخل إليها من سجلماسة ومن سجلماسة إليها ذهابا مسيرة ثلاثة أشهر ومن غانة إلى سجلماسة إيابا مسيرة شهر ونصف ودون ذلك وسبب ذلك أن الرفاق تتجهز إليها من سجلماسة بالأمتعة والأثقال فتباع في غانة بالتبر فمن سافر إليها بثلاثين حملا يرجع منها بثلاثة أحمال أو بحملين واحد لركوبه وثان للماء بسبب المفازة التي في طريقها