@ 149 @ الديديت بن زانا وزانا هو أبو زناتة وكان لهذه الكاهنة بنون ثلاثة ورثوا رياسة قومهم عن سلفهم وربوا في حجرها فاستبدت عليهم واعتزت على قومها بهم وبما كان لها من الكهانة والمعرفة بغيب أحوالهم وعواقب أمورهم فانتهت إليها رياستهم ووقفوا عند إشارتها قال هانىء بن بكور الضريسي ملكت عليهم خمسا وثلاثين سنة وعاشت مائة وسبعا وعشرين سنة وكان قتل عقبة بن نافع وأصحابه في البسيط قبلة جبل أوراس بإغرائها برابرة الزاب عليه وكان المسلمون يعرفون ذلك منها فلما قتل كسيلة وانفضت جموع البربر رجعوا إلى هذه الكاهنة بمعتصمها من جبل أوراس وقد انضم إليها بنو يفرن ومن كان بإفريقية من قبائل زناتة وسائر البتر فسار إليها حسان حتى نزل وادي مليانة وزحفت هي إليه فاقتتلوا بالبسيط أمام جبلها قتالا شديدا ثم انهزم المسلمون وقتل منهم خلق كثير وأسر خالد بن يزيد القيسي في ثمانين رجلا من وجوه العرب ولم تزل الكاهنة والبربر في إتباع حسان والعرب حتى أخرجوهم من عمل قابس ولحق حسان بعمل طرابلس فلقيه هناك كتاب عبد الملك يأمره بالمقام حيث يصله كتابه فأقام ببرقة وبنى قصوره المعروفة لهذا العهد بقصور حسان ثم رجعت الكاهنة إلى مكانها من الجبل وأطلقت أسرى المسلمين سوى خالد فإنها اتخذت عنده عهدا بإرضاعه مع ولديها وصيرته أخا لهما وأقامت في سلطان إفريقية والبربر خمس سنين بعد هزيمة حسان ونفت العرب عن بلاد المغرب وقالت لقومها إنما تطلب العرب من المغرب مدنه وما فيها من الذهب والفضة ونحن إنما نريد المزارع والمراعي فالرأي أن نخرب هذه المدن والحصون ونقطع أطماع العرب عنها .
قال ابن خلدون وكانت المدن والضياع من طرابلس إلى طنجة ظلا واحدا في قرى متصلة فخربت الكاهنة ديار المغرب وعضدت أشجاره ومحت جماله وجاست بالفساد خلاله فشق ذلك على البربر واستأمنوا إلى حسان وكان عبد الملك قد بعث إليه بالمدد فأمنهم ووجد السبيل إلى تفريق أمرها ثم دس إلى خالد بن يزيد يستعلمه أمرها فأطلعه على كنه خبرها واستحثه