@ 148 @ أسطول الروم على قتالها في جموع عظيمة من قبل قيصر وبأيديهم أسرى من المسلمين فاستغاثوا به وهو في خف من أصحابه فصمد إليهم فيمن معه وقاتل الروم حتى قتل وقتل معه جماعة من أشراف أصحابه ونجا الباقون إلى دمشق فأخبروا الخليفة عبدا لملك بما وقع فآسفه ذلك $ ولاية حسان بن النعمان على المغرب وتخريبه قرطاجنة $ .
لما رحل زهير بن قيس إلى المشرق واستشهد ببرقة كما قدمنا واضطرمت بلاد المغرب بعده واضطربت نار الفتن وافترق أمر البربر وتعدد سلطانهم في رؤسائهم وكان من أعظمهم هم شوكة يومئذ الكاهنة داهيا الزناتية ثم الجراوية صاحبة جبل أوراس وكبيرة قومها جراوة والبتر فبعث عبد الملك بن مروان إلى عامله على مصر حسان بن النعمان الغساني وكان يقال له الشيخ الأمين يأمره أن يخرج إلى جهاد البربر وبعث إليه بالمدد فزحف إليهم سنة تسع وستين في أربعين ألف مقاتل ولما دخل القيروان سأل الأفارقة عن أعظم ملوكهم فقالوا صاحب قرطاجنة وهي المدينة العظمى قريعة رومة وضرتها وإحدى عجائب الدنيا وكان با يومئذ من جموع الفرنج أمم لا تحصى فصمد إليها حسان وافتتحها وقتل أكثر من بها ونجا فلهم في المراكب إلى صقلية والأندلس ولما انصرف حسان عنها دخلها أقوام من أهل الضواحي والبادية وتحصنوا بها فرجع إليهم وقاتلهم أشد قتال فافتتحها عنوة وأمر بتخريبها وإعفاء رسمها وكسر قنواتها فذهبت كأمس الدابر ولم يبق بها الآن إلا آثار خفيفة تدل على ما كان بها من عجيب الصنعة وإحكام العمل وبأنقاضها عمرت مدينة تونس كما في القاموس .
ثم بلغ حسان أن البربر والفرنج قد عسكروا في جموع عظيمة ببلاد صطفورة وبنزرت فصمد إليهم وهزمهم وشرد بهم من خلفهم وانحاز فلهم إلى باجة وبونة ورجع حسان إلى القيروان فأراح بها أياما ثم سأل عن بقية الملوك المخالفة فدلوه على الكاهنة داهيا وقومها جراوة وهم ولد جراو بن