@ 64 @ بحصة منهم توصله إلى تخم بلاده ليدخلها إذ الجند كله جند أبيه لا يمكن أن يقاتلوه ويضربوا في وجهه لتعظيمهم إياه فأسعفه على مراده وأرسل معه عصابة وحصة قليلة فأقبل بهم حتى انتهى إلى الموضع المعروف بالركن من أحواز فاس فلما سمع بذلك ابن أخيه محمد المتوكل خرج للقائه بنفسه ولما التقى الجمعان نزع رئيس جند الأندلس سعيد الرغالي إلى عبد الملك وكان عبد الملك يكاتب حاشية المتوكل وبطانته ورؤوس أجناده ويعد طائعهم ويوعد عاصيهم فلما سمع المتوكل بما فعله جند الأندلس فت ذلك في عضده وفشلت ريحه وأيقن بالنكبة ظنا منه أن جنده كله سيفعل فعل الرغالي فكان ذلك سبب جزعه وفراره من المعركة وسبب خراب ملكه وإقامة ملك عمه ويقال إن بعض الجند لما سمع بأن القائد جرمون وأولاد عمران نزعوا إلى عبد الملك أيضا جاء إلى المتوكل وقال له إن القائد ابن شقراء قد غدر وفر إلى عبد الملك وكان ابن شقراء هذا من أكبر قواده وأصدقهم لديه فارتاع المتوكل لذلك وانقلب منهزما وانتهبت خزائنه وأوقد فيها النار ونفط ما كان بها من البارود حتى رئي من رؤوس الجبال .
ولما انهزم المتوكل بالركن عطف على فاس الجديد فأخذ منها ما يعز عليه من الذخيرة ثم خرج على وجهه إلى مراكش لا يلوي على شيء فلحق به القائد ابن شقراء بوادي النجاة على مقربة من فاس وأغلظ له في القول ولامه على عدم التأني والتثبت وكان أمر الله قدرا مقدورا $ استيلاء السلطان أبي مروان عبد الملك المعتصم بالله على حضرة فاس وما يتبع ذلك $ .
لما انهزم المتوكل بالركن وأجفل إلى مراكش تقدم عمه أبو مروان إلى فاس فدخلها واستولى عليها يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وتسعمائة من باب الفتوح وبعد أن دخلها وبايعه أهلها أقام بها أياما ثم طمحت نفسه إلى اتباع ابن أخيه إلى مراكش ولما عزم على النهوض إليه