@ 59 @ $ الخبر عن دولة السلطان أبي مروان عبد الملك المعتصم بالله ابن محمد الشيخ وأولية أمره ومآله $ .
كان أبو مروان عبد الملك بن أبي عبد الله الشيخ السعدي وأخوه أبو العباس أحمد المدعو بعد بالمنصور مقيمين بسجلماسة سائر أيام أبيهما فلما توفي وولي الأمر بعده ابنه الغالب بالله فر عبد الملك وأحمد إلى تلمسان خوفا على أنفسهما منه فأقاما عند صاحبها حسن بن خير الدين مدة ولحق بهما أخوهما عبد المؤمن فصار ثالثة الأثافي ثم انتقلوا بعد ذلك إلى الجزائر ومنها ركب عبد الملك البحر إلى القسطنطينية متطارحا على صاحبها السلطان سليم بن سليمان العثماني رحمه الله فأمده بالجند حتى ملك المغرب كما سيأتي .
ولنذكر هنا كيفية استيلاء العساكر العثمانية على تونس وانقراض أمر الحفصيين منها ثم نرجع إلى بقية أخبار السلطان أبي مروان المعتصم بالله لأنها تنبني على ذلك فنقول اعلم أن أمر بني أبي حفص أصحاب تونس كان قد مرج في هذه المدة وتداعى إلى الاختلال وكان خير الدين باشا التركي المقدم ذكره في أخبار تلمسان قد استولى على تونس في حدود الأربعين وتسعمائة وغلب عليها صاحبها الحسن بن محمد الحفصي ففر الحسن المذكور إلى طاغية الإصبنيول صاحب قشتالة فأعطاه العساكر وجاء بها إلى تونس فنزل عسكر النصارى ببرج العيون قرب حلق الوادي وتقدموا إلى تونس فملكوها وانهزم خير الدين إلى الجزائر وشارك النصارى الحسن بن محمد في إمرة تونس واستباحوا أهلها قتلا وأسرا ونهبا يقال إنهم قتلوا من أهل تونس الثلث وأسروا الثلث وأبقوا الثلث وكل ثلث ستون ألفا هكذا عند صاحب الخلاصة النقية ثم ملكوا الموضع المسمى بحلق الوادي وليس هناك واد عذب وإنما هو جون دخل من البحر في البر وعليه مرسى تونس ثم بنى النصارى في الحلق المذكور حصنا عاديا أقاموا في بنائه نحو ثلاث وأربعين سنة بحيث عجز الترك عن هدمه لما ملكوه بعد