@ 48 @ ثم أتى الترك إلى بوغاز طنجة وسبتة فخافهم وتشوش منهم كثيرا ولم يهنأ له عيش فجعلت حاشيته يهونون عليه أمرهم فقال دعوني منكم حتى أستقي من رأس العين ثم أبرد بريدا إلى الشيخ فلما انتهى إليه سمعه يقول يا ترك ارجعوا إلى بلادكم ويا مولاي عبد الله هناك الله في بلادك بالعافية فتقدم الرسول وسلم على الشيخ وبلغه سلام السلطان ثم انقلب من فوره بعد ما ورخ وقت سماع مقالته فلما بلغ إلى السلطان أخبره بما كان من الشيخ من تلك المقالة وما كان منه من التاريخ وأقاموا ينتظرون ما يكون فإذا الخبر قد ورد على السلطان بأن الترك قد ارتحلوا وانصرفوا إلى بلادهم وإذا ارتحالهم كان وقت مقالة الشيخ المذكورة .
ثم إن الشيخ قدم مراكش في بعض الأيام زائرا من كان بها من أهل الله تعالى فرغب إليه السلطان الغالب بالله أن يدخل داره هو وأصحابه ويصنع لهما طعاما وشرط على نفسه أن لا يطعمهم إلا الحلال ولا يطعمهم ما فيه شبهة وحلف للشيخ على ذلك فأسعفه ولما حضر الطعام وضع الشيخ يده عليه ولم يصب منه فلما خرج قيل له مالك لا تتناول من طعام السلطان وقد حلف أن لا يطعمكم إلا الحلال فقال له من أكل طعام السلطان وهو حلال أظلم قلبه أربعين يوما ومن أكله وفيه شبهة مات قلبه أربعين سنة اه .
ومما ينخرط في هذا السلك أن السلطان المذكور كان له اعتقاد في الشيخ أبي عمرو القسطلي وكان يعظمه غاية وكانت عنده مظلة له من سعف النخل يتقي بها الحر تبركا بها ولما توفي الشيخ أبو عمرو المذكور وذلك يوم الجمعة منتصف شوال سنة أربع وسبعين وتسعمائة حضر السلطان المذكور جنازته وحثا التراب على قبره بيده .
ومن أخبار السلطان المذكور أن الشيخ أبا محمد عبد الله بن حسين المغاري كان ظهر بمراكش وكثرت الجموع عليه وقصده الناس من كل جهة فأرسل إليه السلطان المذكور إما أن تخرج عني أو أخرج عنك فقال