@ 162 @ الخطيب باسم السلطان أبي عمرو عثمان صاحب تونس مقدما في الذكر على اسم صاحب تلمسان أبي عبد الله من أعقاب بني زيان لما بينهما من الشرط في ذلك وبقيت حال بني زيان متماسكة إلى أن ظهر جنس الإصبنيول في صدر المائة العاشرة بعد ما تم له ملك الأندلس وعظمت شوكته فطمح للتغلب على ثغور المغربين الأدنى والأوسط فاستولى على بجاية سنة عشر وتسعمائة ثم على وهران سنة أربع عشرة وتسعمائة وفعل بأهلها الأفاعيل ثم سما لتملك الجزائر وشره لالتهامها وضايق المسلمين في ثغورهم وضعف بنو زيان عن مقاومته وكان الشيخ الفقيه الصالح أبو العباس أحمد ابن القاضي الزواوي ممن له الشهرة والوجاهة الكبيرة في بسائط المغرب الأوسط وجباله وكانت دولة العثامنة من الترك في هذه المدة قد زخر عبابهم وملكت أكثر المسكونة وظهر من قواد عساكرهم البحرية قائدان عظيمان وهما خير الدين باشا وأخوه عروج باشا وكانا قد تابعا الغزو على بلاد الكفر برا وبحرا وأوقعا بأهل دول الأوروبا وقائع شهيرة وصار لهم ذكر في أقطار البلاد وتمكن ناموسهم من قلوب العباد فكاتبهم الفقيه أبو العباس المذكور وعرفهم بما المسلمون فيه من مضايقة العدو الكافر وقال إن بلادنا بقيت لك أو لأخيك أو للذئب فأقبل الترك نحوه مسرعين واستولى عروج على ثغر الجزائر بعد ما كاد العدو يملكه فتخلصه منه ثم استولى على تلمسان وغلب بني زيان على أمرهم وذلك سنة ثلاث وعشرين وتسعمائة على ما في النزهة ثم إن أهل تلمسان أنكروا سيرة الترك وسئموا ملكتهم ويقال إن الترك عسفوهم وصادروهم على أموالهم وكان عروج قد أغرى بالفقيه أبي العباس المستدعي له فقتل شهيدا بعد الثلاثين وتسعمائة ورأى عروج أن أمر المغرب الأوسط لا يصفو له مع وجود الفقيه المذكور فدس عليه من قتله ثم نهض عروج إلى بني يزناسن فكان الكرة عليه وقتل هنالك مع جماعة من وجوه عسكره وتفرقت جموعه .
وعادت تلمسان إلى بني زيان فجددوا بها رياستهم وأحيوا رمق دولتهم إلى أن عاود الترك غزوها بعد حين وانتزعوها من يد صاحبها أبي العباس