@ 82 @ البصير يميز حصباءه من دره ويفرق بين حشفه وثمره فمن ذلك أنه حكى عن السلطان أبي الحجاج المذكور ما صورته قال كانت مراسلات السلطان المريني يعني السلطان أبا العباس مع السلطان يوسف بن الغني بالله صاحب غرناطة حسنة في الظاهر تدل على الموافقة والمحبة وكان المريني في الباطن يحب الاستيلاء على مملكة غرناطة ولما لم يمكنه ذلك بالسيف عدل إلى أعمال الحيلة فأهدى إلى السلطان أبي الحجاج كسى رفيعة أحدها مسمومة فلبسها فهلك لحينه ومع ذلك فلم يدرك المريني غرضه فإنه لم يلبث إلا يسيرا حتى توفي أيضا اه ولم توفي أبو الحجاج بويع ابنه محمد بن يوسف وقام بأمره القائد أبو عبد الله محمد الخصاصي من صنائع أبيه قال ابن خلدون والحال على ذلك لهذا العهد ولنذكر ما كان في هذه المدة من الأحداث .
ففي سنة خمسين وسبعمائة كان الوباء الذي عم المسكونة شرقا وغربا على ما نبهنا عليه فيما مضى .
وفي سنة خمس وستين وسبعمائة توفي الولي الزاهد أبو العباس أحمد ابن عمر بن محمد بن عاشر الأندلسي نزيل سلا العارف المشهور قال أبو عبد الله بن سعد التلمساني في كتابه النجم الثاقب فيما لأولياء الله من المناقب كان ابن عاشر أحد الأولياء الأبدال معدودا في كبار العلماء مشهورا بإجابة الدعاء معروفا بالكرامات مقدما في صدور الزهاد منقطعا عن الدنيا وأهلها ولو كانوا من صالحي العباد ملازما للقبور في الخلاء المتصل ببحر مدينة سلا منفردا عن الخلق لا يفكر في أمر الرزق وله أخبار جليلة وكرامات عجيبة مشهورة ممن جمع الله له العلم والعمل وألقى عليه القبول من الخلق شديد الهيبة عظيم الوقار كثير الخشية طويل التفكير والاعتبار قصده أمير المؤمنين أبو عنان وارتحل إليه سنة سبع وخمسين وسبعمائة فوقف ببابه طويلا فلم يأذن له وانصرف وقد امتلأ قلبه من حبه وإجلاله ثم عاود