@ 58 @ .
واستولى السلطان عبد العزيز على سائر الوطن من الأمصار والأعمال وعقد عليها للولاة والعمال واستوسق له ملك المغرب الأوسط كما كان لسلفه واستمر مقيما بتلمسان إلى أن كان ما نذكره $ نزوع الوزير ابن الخطيب عن سلطانه الغني بالله إلى السلطان عبد العزيز بتلمسان $ .
قد قدمنا ما كان من رجوع الغني بالله ابن الأحمر إلى ملكه بالأندلس سنة ثلاث وستين وسبعمائة ولما استولى على غرناطة وثبت قدمه بها بعث عن مخلفه بفاس من الأهل والولد والقائم بالدولة يومئذ عمر بن عبد ا لله فاستقدم عمر ابن الخطيب من سلا وبعثهم إلى نظره فسر السلطان ابن الأحمر بمقدمه ورده إلى منزلته ودفع إليه تدبير المملكة وخلط بينه بندمائه وأهل خلوته وانفرد ابن الخطيب بالحل والعقد وانصرفت إليه الوجوه وعلقت به الآمال وغشى بابه الخاصة والكافة وغصت به بطانة السلطان وحاشيته فتوافقوا على السعاية فيه وقد صم السلطان عن قبولها ونما بذلك الخبر إلى ابن الخطيب فشمر عن ساعده للرحلة عن الأندلس واللحاق بالمغرب وكان له حنين إليه ورغبة في الإيالة المرينية من قبل ذلك فقدم الوسائل إلى السلطان عبد العزيز وأوعز إليه بما عزم عليه من اللحاق بحضرته فوعده السلطان بالجميل وبسط أمله فحينئذ استأذن السلطان الغني بالله في تفقد الثغور الغربية من أرض الأندلس فأذن له وسار إليها في جماعة من فرسانه ومعه ابنه علي فلما حاذى جبل طارق مال إليه فخرج قائد الجبل لتلقيه وقد كان السلطان عبد العزيز أوعز إليه بذلك وجهز إليه الأسطول من حينه فاحتل بسبتة ثم سار منها فقدم على السلطان عبد العزيز بتلمسان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة فاهتزت له الدولة وأركب السلطان خاصته لتلقيه وأحله بمجلسه محل الأمن والغبطة ومن دولته بمكان الشرف والعزة