@ 38 @ ذلك عليه ما كان قد عرفه من مرض القلوب على السلطان لمكان ابن مرزوق فداخل قائد جند النصارى غرسية بن أنطول واتعدوا لذلك ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذي القعدة من السنة المذكورة فعمدوا إلى تاشفين الموسوس ابن أبي الحسن فخلعوا عليه وألبسوه شارة الملك وقربوا له مركبا وأجلسوه مجلس السلطان وأكرهوا شيخ الحامية والناشبة محمد بن الزرقاء على البيعة وجاهروا بالخلعان وقرعوا الطبول ودخلوا إلى بيت المال ففرضوا العطاء من غير تقدير ولا حساب وماج الجند بفاس الجديد بعضهم في بعض واختطفوا ما وصلوا إليه من العطاء ثم انتهبوا ما كان بالمخازن الخارجية من السلاح والعدة وأضرموا النيران في بيوتها سترا على ما ضاع منها وأصبح السلطان أبو سالم بمكانه من قصبة فاس القديم وكان قد تحول إليها فرارا من قاطع فلكي خوفه إياه بعض منجميه فكان البلاء فيه موكلا بالمنطق فلما علم بالكائنة ركب واجتمع إليه من حضر من أوليائه وغدا على فاس الجديد وطاف بها يروم اقتحامها فامتنعت عليه ثم اضطرب معسكره بكدية العرائس لحصارها ونادى في الناس بالاجتماع إليه ولما كان وقت الهاجرة دخل فسطاطة للقيلولة فتسايل الناس عنه إلى فاس الجديد فوجا بعد فوج بمرأى منه إلى أن انفض عنه خاصته وأهله مجلسه فطلب النجاء بنفسه وركب في لمة من الفرسان وفيهم وزيراه سليمان بن داود ومسعود بن عبد الرحمن بن ماساي ومقدم الموالي والجند ببابه سليمان بن ونصار وأذن لابن مرزوق في الدخول إلى داره ومضى هو على وجهه فيمن معه ولما غشيهم الليل انفضوا عنه حتى بقي وحده ورجع الوزيران إلى دار الملك فتقبض عليهما رئيس الثورة عمر بن عبد الله الفودودي ومشاركه فيها غرسية بن أنطول النصراني واعتقلاهما متفرقين وبعث عمر بن عبد الله الطلب في أثر السلطان أبي سالم فعثروا عليه نائما من الغد في بعض المجاشر بوادي ورغة وقد غير لباسه اختفاء بشخصه وتواريا عن العيون بمكانه فتقبضوا عليه وحملوه على بغل وطيروا بالخبر إلى عمر بن عبد الله فأزعج لتلقيه شعيب بن ميمون بن داود وفتح الله بن عامر بن فتح الله