@ 124 @ من جهة البحر الأعظم وأطلق فم الماء بين الرصيفين فدخل في البحر الرومي ثم ارتفع الماء فأغرق مدنا كثيرة وأهلك أمما عظيمة كانت على الشطين وطما الماء على الرصيفين بإحدى عشرة قامة فأما الرصيف الذي يلي بلاد الأندلس فإنه يظهر في بعض الأوقات إذا نقص الماء ظهورا بينا مستقيما على خط واحد وأهل الجزيرة يسمونه القنظرة وأما الرصيف الذي يلي جهة العدوة فإن الماء حمله في صدره واحتفر ما خلفه من الأرض بنحو اثني عشر ميلا وعلى طرفه من جهة المغرب قصر المجاز وسبتة وطنجة وعلى طرفه من الناحية الأخرى جبل طارق بن زياد وجزيرة طريف بن مالك والجزيرة الخضراء وما يين سبتة والخضراء هو عرض البحر المسمى بالزقاق والبوغاز أيضا اه .
وما ذكروه من أن أرض المغرب كانت متصلة بأرض الأندلس نحوه في تواريخ الفرنج القديمة غير أنهم يسمون الملك الذي فتح الباغاز هرقل الجبار وعند ابن سعيد أنه كان فيما بين قصر المجاز وطريف قنطرة عظيمة قد وصلت ما بين البرين يزعم الناس أن الإسكندر بناها ليعبر عليها من بر الأندلس إلى بر العدوة والله تعالى أعلم بحقيقة الأمر .
وفي تواريخ الفرنج المقطوع بصحتها عندهم أن ملوك الروم الأولى حاربوا القرطاجنيين من أهل إفريقية والمغرب وغلبوهم على البلاد وهدموا في بعض تلك الحروب مدينة قرطاجنة الشهيرة الذكر قال الشيخ رفاعة في بداية القدماء ما نصه قرطاجنة مدينة بأرض إفريقية هي إحدى مدن الدنيا الشهيرة وقد هدمها الروم قبل ميلاد المسيح عليه السلام بمائة وست وأربعين سنة ثم أسست ثانية وخربها العرب حتى إنه لا يرى الآن شيء من آثارها إلا بغاية الجهد وبقرب موضعها مدينة تونس اه .
وقال ابن خلدون في كتاب طبيعة العمران حين تكلم على قيادة الأساطيل ما نصه وقد كانت الروم والإفرنجية والقوط بالعدوة الشمالية من هذا البحر الرومي وكان أكثر حروبهم ومتاجرهم في السفن فكانوا مهرة