@ 157 @ وقد ماجت الأرض بالجيوش قال ابن خلدون وكان يوما لم ير مثله فيما عقلناه قلت كان سن أبن خلدون يومئذ ست عشرة سنة لأنه ولد غرة رمضان سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة .
وكان قدم في جملة السلطان أبي الحسن جماعة كبيرة من أعلام المغرب كان يلزمهم شهود مجلسه ويتجمل بمكانهم نيه ثم دخل القصر الخلافي وخلع على أبي محمد بن تافراجين وقرب إليه فرسا بسرجه ولجامه وطعم الناس بين يديه وانتشروا إلى منازلهم ثم دخل السلطان أبو الحسن مع ابن تافراجين إلى حجر القصر ومساكن الخلفاء فطاف عليها ودخل منها الى الرياض المتصلة بها المدعوة برأس الطابية فطاف على تلك البساتين وسرح نظره فيها واعتبر بحالها ثم أفضى منها إلى معسكره وأنزل يحيى بن سليمان بقصبة تونس في عسكر لحمايتها ثم ارتحل من الغد إلى القيروان فجال في نواحيها ووقف على اثار الأولين ومصانع الأقدمين والطلول الماثلة لصنهاجة والعبيديين والتمس البركة في زيارة القبور التي نذكر للصحابة والسلف من التابعين والأولياء في ساحتها ثم سار إلى سوسة ثم إلى المهدية ووقف على ساحل البحر منها وتطوف في معالمها ونظر في عاقبة الذين كانوا من قبله أشد قوة وآثارا في الأرض واعتبر باحوالهم ومر في طريقه بقصر الأجم ورباط المنستير وانكفأ راجعا إلى تونس فاحتل بها غرة رمضان من السنة ونزل المسالح على ثغور إفريقية وأقطع بني مرين البلاد والضواحي وأمضى إقطاعات العرب التي كانت لهم من قبل الحفصيين واستعمل على الجهات وخفتت الأصوات وسكنت الدهماء وانقبضت أيدي أهل الفساد وانقرض أمر الحفصيين في هذه المدة إلا أنه عقد على بونة لصهره الفضل ابن السلطان أبي بكر إكراما لصهره ووفادته عليه واتصلت ممالك السلطان أبي الحسن ما بين مسراته إلى السوس الأقصى من هذه العدوة وإلى رندة من عدوة الأندلس ودخل المغرب بأسره في طاعته وحذر ملوك مصر والشام ما شاع من بسطته وانفساخ دولته ونفوذ كلمته والملك لله يؤتيه من يشاء من عبادة والعاقبة للمتقين وقد كان الشعراء رفعوا إليه قصائد في سبيل التهنئة بالفتح وكان سابق